"40 وفية يومياً"… طهران تغرق في تلوث الهواء وارتفاع خطير في الوفيات والخسائر الاقتصادية

الاقتصاد نيوز - متابعة

رغم الهطولات المطرية المؤقتة والمتفرقة تعيش طهران وعشرات المدن الكبرى والصناعية في إيران في أول أسبوع من ديسمبر أحد أكثر أيامها تلوثا في السنوات الأخيرة. هذا الوضع لم يرفع فقط مؤشرات هواء العاصمة إلى نطاق «بالغ التلوث وخطير»، بل ترافق أيضا مع ارتفاع حاد في الوفيات، وتعطيل واسع للمراكز التعليمية، وتحذيرات متواصلة من الخبراء.

صباح الأربعاء 3 ديسمبر 2025، سُجّل متوسط مؤشر جودة الهواء في طهران عند 164، وهو ما يعني «هواء غير صحي لجميع الفئات»، ليدخل العاصمة في اليوم الثامن عشر على التوالي ضمن الوضع الأحمر. وكانت الأوضاع في بعض المناطق المركزية من العاصمة أسوأ من ذلك، حيث سجلت عدة محطات أرقاما تجاوزت 200 ووصلت إلى النطاق البنفسجي، أي «بالغ التلوث»، وهو مستوى خطير ومؤذ لجميع الفئات العمرية.

وبالتزامن مع ذروة التلوث، شهدت حصيلة الوفيات في العاصمة ارتفاعا غير مسبوق. مهدی بابائي، رئيس لجنة السلامة في مجلس بلدية طهران، أعلن أن متوسط عدد الوفيات المسجّل في منصة «بهشت زهرا» الخاصة بالدفن ارتفع من 180 إلى 220 وفاة يوميا. هذا الارتفاع بنسبة 20 بالمئة خلال بضعة أسابيع فقط يشير إلى أن التلوث يتسبب فعليا بوفاة نحو 40 شخصا يوميا في طهران.

ويأتي هذا الارتفاع في الوفيات في وقت تشهد فيه العاصمة وعدة محافظات أخرى تفشيا متصاعدا لإنفلونزا الموسم. بحسب وزارة الصحة الإيراينة، فإن أعلى معدلات الإصابة سُجّلت في الفئة العمرية ما بين 5 و14 عاما، ووصفت معدلات الإصابة في محافظات مثل طهران وخراسان الرضوية وزاهدان وقزوين وأصفهان وهمدان بأنها «مقلقة».

وفي وقت متزامن، حذّر بابك یکتا برست، القائم بأعمال نائب الشؤون الاجتماعية في منظمة نقل الدم الإيرانية، من أن مخزون الدم في بعض المحافظات وصل إلى حالة حرجة. وأوضح أن الإقبال على التبرع بالدم انخفض في محافظات مثل طهران بسبب التلوث، لدرجة أن احتياطي الدم في العاصمة يكفي لثلاثة أيام ونصف فقط.

 

20 مليار دولار خسائر سنوية
الأبعاد الاقتصادية للأزمة لا تقل خطورة. إذ أعلن صادق حسنوند، رئيس مركز أبحاث تلوث الهواء في جامعة طهران، أن تلوث الهواء كبّد البلاد خلال العام الماضي «20 مليار دولار خسائر اقتصادية». وتشمل هذه الخسائر تكاليف علاج الأمراض، وتعطيل المؤسسات، والغياب عن العمل، وتراجع جودة الحياة، وضعف التحصيل الدراسي لملايين الطلاب.

لكن ناصر ذاکري، محلل اقتصاد التنمية، يرى أن هذا الرقم «بالتأكيد أقل من الواقع»، مضيفا أن الحسابات الدقيقة ستؤدي إلى «أرقام أكبر بكثير».

ومن أهم أسباب ارتفاع التلوث في السنوات الأخيرة عودة محطات توليد الكهرباء إلى استخدام المازوت على نطاق واسع. محمد جمالیان، عضو لجنة الصحة في البرلمان، قال إن المازوت يُستخدم هذا العام «ليس فقط في الشتاء كما كان سابقا، بل منذ مارس 2025. ووصف هذا الإجراء بأنه «كارثي»، مؤكدا أن أيّا من الالتزامات القانونية، مثل التخلص من السيارات المتهالكة أو تحسين النقل العام أو رفع جودة الوقود، لم يُنفذ.

ووصف هذا النائب منظمة البيئة بأنها «أضعف وأكثر أجهزة الحكومة لامبالاة»، قائلا: «إذا استمر هذا الوضع، فستكون الأيام القادمة أصعب بكثير.»

 

مجبرون على حرق المازوت
تقول وسائل الإعلام الإيرانية إن أربع محطات كهرباء كبرى على الأقل لم تتوقف عن حرق المازوت خلال العام الماضي، بينما تعتمد 11 محطة أخرى المازوت منذ بداية الخريف.

وفي السياق ذاته، قال عباس علي آبادي، وزير الطاقة الإيراني: «لا نرغب في استخدام المازوت، لكننا مجبرون. إذا انخفضت درجات الحرارة وقلّ الغاز، فلن يكون أمامنا خيار آخر.»

وتستمر هذه الأوضاع بينما كان علي رضا رئیسي، نائب وزير الصحة، قد صرّح في 27 نوفمبر الماضي بأن «السيارات المحلية الجديدة كارثية، وتلوث الهواء مثل السيارات المتهالكة. ومن ناحية أخرى، فإن جودة البنزين مقلقة بالفعل». وكان يشير هنا إلى «بنزين البتروكيمياويات» أو الريفرمیت، وهو وقود يحتوي على نسب بنزين تتجاوز الحدود المسموح بها بعدة مرات، ويُنتج ويُوزع في إيران منذ سنوات، وله تأثير مباشر في زيادة حالات الإصابة بأنواع من سرطانات الدم.

في الوقت نفسه، أدى التهالك الواسع لمحطات الطاقة، ونقص الاستثمار في الطاقة النظيفة والنقل العام، إلى تفاقم أزمة تلوث الهواء عاما بعد عام.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 55
أضيف 2025/12/04 - 11:29 AM