
بلغ مستوى عجز الطاقة في إيران من الحدة ما دفع بالصناعيين إلى وصف هذه الأوضاع بـ«الموت الصامت للصناعة». ويشير ناشطون صناعيون إلى أن قيود الطاقة أجبرت المنشآت الإنتاجية على العمل بأقل من 50 في المئة من طاقتها، ما أدى إلى تراجع ملحوظ في الربحية، محذرين من تآكل المنشآت الصناعية والاتجاه نحو تسريح واسع للعمالة.
وفي وقت يزداد فيه عجز الطاقة حدة عاماً بعد عام، وتُعد الصناعة الخيار الأول للحكومة عند فرض القيود، تتردد أنباء عن زيادات محتملة في أسعار موارد الطاقة، بما في ذلك الغاز والكهرباء وكذلك الديزل المخصص للقطاع الصناعي.
وفي هذا السياق، قال نائب وزير الصناعة والتجارة الإيراني إن عدداً من المشاريع المتعلقة بإصلاحات الطاقة قيد المتابعة من قبل جهات مختلفة. وأشار سعيد شجاعي إلى آثار زيادة أسعار الطاقة والوقود على القطاع الصناعي، مشدداً على ضرورة تجنب اتخاذ قرارات مجزأة في ملف الطاقة.
وحذر من أن قدرة تحمّل الصناعات تراجعت بشدة نتيجة اختلالات الطاقة الأخيرة، داعياً إلى عدم اتخاذ قرارات تتعلق بإصلاح أسعار الطاقة من دون توفير بدائل لهذا القطاع. واعتبر أن هذه الإصلاحات قد تؤدي إلى زيادة أسعار الطاقة على الصناعات بنسبة تصل إلى 300 في المئة، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات غير قابلة للتعويض، من بينها تسريح واسع للقوى العاملة الصناعية.
تبعات السياسات المجزأة
وقال سعيد شجاعي، معاون التخطيط وتطوير بيئة الأعمال في وزارة الصناعة والتجارة الإيرانية، في حديث مع صحيفة «دنياي اقتصاد»، إن أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي ارتفعت خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 320 في المئة، فيما زادت أسعار الغاز بنسبة 263 في المئة. وأضاف أنه تم إدخال بنود كلفة جديدة مثل رسوم نقل الكهرباء إلى الفواتير بحيث يحصّل فعلياً من الصناعيين ما يعادل ثلاثة أضعاف السعر الرسمي المقرّ. وأكد أن هذا الاضطراب في السياسات وغياب الشفافية وضعا الصناعيين أمام تحديات جدية.
وتابع قائلاً إن الصناعيين لا يحصلون على طاقة رخيصة، موضحاً أنه عند احتساب التكاليف الأخرى التي لا تتحملها الصناعات في دول أخرى، مثل تبعات العقوبات وكلفة تأمين المواد الأولية، فإن ما تدفعه الصناعات المحلية مقابل الطاقة لا يختلف كثيراً عما تدفعه صناعات الدول المتقدمة، بل إن الكلفة أعلى مقارنة بدول المنطقة التي تمتلك مصادر الطاقة.
وأضاف هذا المسؤول الصناعي أن الأعباء لا تقتصر على ارتفاع تكاليف الطاقة، إذ شهدت الأجور خلال السنوات الثلاث الماضية زيادة بنسبة 100 في المئة، فيما بلغ تضخم تكاليف الإنتاج 170 في المئة. وأكد أن هذه الظروف كفيلة بشل أي قطاع صناعي وتقليص قدرته على الصمود بشكل حاد، مشيراً إلى أن هذه الأعباء تُفرض على الصناعة، ومع ذلك يُتوقع منها أن تبقى قائمة وتؤدي دورها في تحقيق التنمية الصناعية.
وأوضح شجاعي أن أكثر من 40 في المئة من قيود الغاز تُفرض حالياً على الصناعات الكبرى، كما تم توجيه رسائل إلى المصانع تفيد بقرب قطع التيار الكهربائي. وقال إنه في ظل غياب البنية التحتية المناسبة وفرض تكاليف إضافية على الصناعة، يتم عملياً القضاء على جذور القطاع الصناعي، مع تصاعد ظاهرة نزع الطابع الصناعي وتنفيذها على أرض الواقع.
احتمال زيادة تكاليف طاقة الصناعات بنسبة 300 في المئة
وأوضح شجاعي أنه في حال إقرار وتنفيذ التعليمات المطروحة حالياً على مستوى الحكومة، تشير التقديرات إلى احتمال ارتفاع تكاليف الطاقة للقطاع الصناعي بنسبة تصل إلى 300 في المئة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأضاف معاون التخطيط وتطوير بيئة الأعمال في وزارة الصناعة أن آثار اختلال توازن الطاقة، إلى جانب ظروف «لا حرب ولا سلم»، أدت إلى تفاقم مشكلات تسريح العمالة وتراجع عدد كبير من الوظائف الصناعية. وبيّن أن متوسط كلفة إيجاد وظيفة صناعية واحدة يبلغ نحو مليار و600 مليون تومان، مؤكداً أن الوظائف الصناعية مستقرة بطبيعتها ولا تُخلق بسهولة. وحذر من أنه في حال تنفيذ إصلاحات الطاقة بشكل غير مدروس، فإن إيران ستواجه موجة عارمة من البطالة في القطاع الصناعي.
وأشار إلى أن بعض الصناعات اتجهت حالياً إلى تسريح العمال، فيما مضت بعض المنشآت نحو الإغلاق، مؤكداً أن هذا المسار سيتفاقم مع ارتفاع تكاليف الطاقة. وأضاف أن هذه القضايا لا يمكن تجاهلها أو الاستمرار في التعامل معها بقرارات مجزأة، لأن كل قرار يؤثر على سلسلة مترابطة تنتهي بالقضاء على الوظائف القائمة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام