في إنجاز وطني غير مسبوق، أعلنت منظمة اليونسكو انضمام مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، رسميًا إلى شبكة مدن التعلّم العالمية، لتُصبح أول مدينة عراقية تُحقّق هذا الاستحقاق الدولي الرفيع، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تحوّل تاريخي في مسار التعليم والتنمية في العراق.

الانضمام جاء ضمن دفعة جديدة شملت 72 مدينة من 46 دولة، ليرتفع عدد المدن الأعضاء في الشبكة إلى 425 مدينة من 91 دولة حول العالم، وفقًا لما أعلنته المنظمة عبر بياناتها الرسمية. ويُعدّ هذا الاعتراف الدولي انعكاسًا واضحًا للتقدم الذي أحرزته محافظة ذي قار على صعيد التعليم، خصوصًا في أعقاب سنوات من التحديات السياسية والاقتصادية.

الركيزة الأساسية لهذا الإنجاز كانت جامعة ذي قار، التي قادت باحترافية إعداد ملف الانضمام واستيفاء كافة معايير اليونسكو، بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي / دائرة البعثات والعلاقات الثقافية. وقد نوّه رئيس الجامعة، الأستاذ الدكتور كمال حامد الياسري، إلى أن هذا التطور لا يمثل مجرد تكريم رمزي، بل هو بمثابة اعتراف دولي بالدور الريادي للمؤسسات الأكاديمية في المحافظة في نشر ثقافة التعليم المستمر وتعزيز مبدأ التعلم مدى الحياة.

وشدّد الياسري على أن الجامعة ستواصل تطوير برامج تعليمية وتنموية متقدمة تتماشى مع معايير الشبكة العالمية، موجهًا الشكر للكوادر الفنية التي ساهمت في إعداد الملف، لا سيما الأستاذ الدكتور شاكر كاظم علي، والدكتور زياد طارق، وفريق العلاقات الثقافية في الجامعة.

منظمة اليونسكو، عبر صفحتها الرسمية، عبّرت عن ترحيبها بانضمام الناصرية، مشيرة إلى أن مدن الشبكة تعمل على دمج التعليم في كل مفاصل الحياة اليومية: في المدارس، أماكن العمل، المكتبات، المنازل، وحتى الفضاءات العامة. كما أكدت المنظمة أن هذا الانضمام يوفّر فرصًا كبيرة لإعادة تأهيل المهارات، دعم محو الأمية، وتعزيز قدرات المجتمعات المحلية لمواكبة التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي.

محافظ ذي قار، الدكتور مرتضى الإبراهيمي، وصف الحدث بأنه لحظة فخر لجميع أبناء المحافظة، ومؤشر واضح على ريادة الناصرية على الصعيد العلمي والتعليمي، داعيًا إلى مواصلة الجهود الجماعية لتعظيم أثر هذا الإنجاز في الواقع التعليمي والثقافي والخدمي. كما كشف النائب الأول للمحافظ، رزاق كشيش، أن ذي قار استعدت منذ أكثر من سبعة أشهر لتلبية معايير الانضمام، عبر تشكيل "اللجنة العليا للتربية والتعليم العالي" التي نسّقت الجهود بين مختلف الجهات الرسمية والتعليمية.

من جهتها، عبّرت مديرية تربية ذي قار عن تطلعها لاستثمار هذا الحدث من خلال تطوير أداء الكوادر التعليمية، وتعزيز برامج التدريب، وتحديث طرائق التعليم، بما ينعكس على جودة العملية التربوية في عموم المحافظة.

أما رئيس جامعة ذي قار، فقد أكد أن دخول الناصرية ضمن شبكة المدن العالمية يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الأكاديمي الدولي، وإعداد برامج مشتركة برعاية اليونسكو، تضمن تحسين جودة التعليم، وتدعم الابتكار وتبادل الخبرات، وصولًا إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز موقع العراق على خارطة التعليم العالمية.

ورغم الترحيب الواسع محليًا ودوليًا، يظل التحدي الأكبر متمثّلًا في تحويل هذا الاعتراف الدولي إلى برامج واقعية ومؤثرة تمس حياة الطلبة والمواطنين، وتكون نواة لتجربة تعليمية عراقية قادرة على المنافسة في الفضاء العالمي.

الناصرية اليوم لا تُسجّل اسمها في سجل المدن التعليمية العالمية فحسب، بل تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستثمار في الإنسان والمعرفة، في نموذج يحتذى به لباقي مدن العراق.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام