نهر الراين يقدّم نموذجاً أوروبياً متقدّماً في إدارة المياه المشتركة رغم تحديات المناخ

 

يمثّل نهر الراين واحداً من أهم الأنهار في القارة الأوروبية، إذ ينطلق من جبال الألب في سويسرا ويعبر خمس دول هي سويسرا، فرنسا، لشتنشتاين، ألمانيا، وهولندا، قبل أن يصب في بحر الشمال. ورغم مروره عبر هذا العدد من الدول، حافظ النهر لعقود على انسيابه الطبيعي دون خلافات تعيق تدفقه أو اتفاقيات مياه ملزمة، ليصبح مثالاً رائداً للتعاون الإقليمي في إدارة الموارد المائية المشتركة.

وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، شهد الراين انخفاضاً ملحوظاً في منسوب مياهه نتيجة التغيرات المناخية وتراجع كميات الثلوج في المنابع، إضافة إلى انخفاض الأمطار في أوروبا. وكانت ألمانيا الأكثر تضرراً، إذ يعتمد قطاعها الصناعي بشكل كبير على النقل النهري، ما أدى إلى تقليص حمولة السفن وارتفاع كلفة النقل وخسائر اقتصادية واسعة.

وفي هولندا، دولة المصب، لعبت الخبرة الطويلة في إدارة المياه دوراً محورياً في التعامل مع التحديات. فقد أنشأت السلطات الهولندية شبكة متكاملة من القنوات والمسارات المائية لحفظ أكبر قدر من المياه، إلى جانب عمليات التجريف والصيانة المستمرة لضمان نقاء المياه وانسيابها نحو المدن والحقول الزراعية. كما عملت على توسيع القنوات المحيطة بالمزارع لتكون خزانات طبيعية تُستخدم عند نقص الأمطار، مع إخضاعها لمراقبة مخبرية مستمرة لضمان الجودة.

وتواجه هولندا، بوصفها دولة منخفضة عن سطح البحر، خطر توغل اللسان الملحي نحو الداخل، إلا أن السدود الاحترازية الكبرى ساعدت على حماية المياه العذبة ومنع اختلاطها بمياه البحر، ما ضمن استمرار استخدامها في الشرب والري دون خسائر تُذكر.

وعلى الرغم من مرور نهر الراين بمناطق ذات كثافة سكانية ونشاط صناعي مرتفع، ما يزال شرياناً اقتصادياً رئيسياً لأوروبا، ودليلاً على نجاح التعاون الدولي في حماية الأنهار العابرة للحدود.

وتبرز تجربة الراين أهمية الإدارة الرشيدة للموارد المائية المشتركة، والدور الحاسم للتنسيق بين الدول في مواجهة التغيرات المناخية وضمان استدامة الأنهار بصفتها مورداً أساسياً للحياة والتنمية.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 29
أضيف 2025/11/21 - 4:35 PM