بعدما أكد محمد مهدي طباطبائي مسؤول قسم الإعلام في مكتب الرئاسة الإيرانية، في مقابلة صحفية أن «أسعار البنزين يجب أن ترتفع»، أفاد عدد من نواب البرلمان الإيراني بأن قرار رفع الأسعار بات نهائيًا، وأن الأسعار سترتفع بين ثلاثة إلى خمسة أضعاف في المستقبل القريب.
وقال أمير حسين ثابتي، ممثل طهران في البرلمان الإيراني، يوم الأربعاء، إن حكومة بزشكيان تخطط لإعلان «سعر ثالث للبنزين»، موضحًا أن السعر الجديد سيكون أعلى بكثير من السعر الحالي.
وفي كلمة له أمام البرلمان، قال: «الآن أصبح موضوع وضع ثلاثة أسعار للبنزين أمرًا جديًا. بما أنكم قمتم بزيادة أسعار الغاز المسال (LPG) في الخفاء، أصبح موضوع البنزين كذلك مطروحًا. كم ستكون الزيادة؟ 300 أو 400 أو حتى 500 بالمئة؟ هل تريدون إدارة البلاد أم إثارة الفوضى وزيادة الضغط على الناس؟ بينما هناك حلول أخرى لهذه المشكلة».
وأضاف البرلماني الإيراني: «إذا كنتم مصممين على رفع السعر، فليكن ذلك بنسبة 10 إلى 15 بالمئة فقط. لماذا لا تضعون حدًا لتهريب الوقود؟ لدينا محطة وقود في البلاد سجّل فيه أحد الأشخاص معاملات مالية تتجاوز مليار تومان خلال شهر واحد. أليس هذا تهريبًا؟».
وكانت حكومة حسن روحاني قد اتخذت سابقًا خطوة مفاجئة برفع سعر البنزين المخصص بالحصص بنسبة 50 بالمئة، وسعر البنزين الحر بنسبة 300 بالمئة، من دون إعلان مسبق عن قرار مجلس الوزراء، ما أثار موجة من الاحتجاجات الشعبية الواسعة في أكثر من 500 منطقة في إيران. وقد قوبلت تلك الاحتجاجات بقمع شديد، وأسفرت – بحسب وكالة «رويترز» – عن مقتل نحو 1500 شخص.
وفي الليلة التي سبقت تصريحات ثابتي، قال إسماعيل حسيني، عضو لجنة الطاقة في البرلمان، خلال مقابلة تلفزيونية، إن «الحكومة حصلت مسبقًا على تفويض من البرلمان يسمح لها برفع أسعار البنزين».
وأضاف: «البرلمان فوّض الحكومة سابقًا صلاحية تعديل أسعار حوامل الطاقة حسب الظروف. وقد أقرّت الحكومة مؤخرًا مشروع قرار تضمن عدة بنود، من بينها بند يتعلق برفع أسعار حوامل الطاقة، وخاصة البنزين والديزل. ومع ذلك، لم يُتخذ بعد أي قرار نهائي في هذا الشأن، وما طُرح حتى الآن مجرد اقتراح ينص على أنه إذا وافق مجلس الوزراء، يمكن للحكومة رفع أسعار البنزين والديزل بما يتناسب مع معدل التضخم في العام الماضي».
وفي 16 أغسطس، أعلن محسن باك نجاد، وزير النفط الإيراني، أن البنزين الجديد الذي سيُطرح قريبًا تحت اسم «البنزين الفائق الخاص» سيُسعّر بأكثر من 50 ألف تومان للتر الواحد.
ويحذر الخبراء من أن رفع أسعار البنزين في ظل معدل تضخم يتجاوز 50% في إيران قد يؤدي إلى صدمة تضخمية جديدة ويزيد الأعباء المعيشية على المواطنين، مما قد يفجر احتجاجات أوسع من تلك التي شهدتها البلاد في نوفمبر 2019.
وفي السياق نفسه، قالت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، بعد ساعات من تصريحات ثابتي، على هامش اجتماع مجلس الوزراء، في البداية إن «الحكومة لم تصدر أي قرار بشأن سعر البنزين»، لكنها أضافت لاحقًا: «إذا تحدثنا اليوم عن البنزين والأزمات وقضايا أخرى، فذلك بسبب شدة العقوبات. منذ 15 عامًا ونحن نعيش تحت أقسى وأعنف العقوبات، لأن البعض يزعم أنه يريد الحوار، لكن الحوار لا يكون بالكلام فقط، بل يحتاج إلى إجراءات عملية غير القصف».
وأضافت مهاجراني: «أي خطوة ستتخذها الحكومة بخصوص البنزين لن تكون خفية. لا أحد يرغب في الضغط على المواطنين، لكن لا يمكننا تجاهل الحقائق. نحن نستهلك يوميًا نحو 197 مليون لتر من البنزين، ومتوسط الاستهلاك يبلغ 160 مليون لتر، والاستهلاك ما زال في تزايد. نحن نستورد البنزين بسعر مرتفع ونبيعه داخليًا بسعر أقل بكثير».
وتوضح المؤشرات الاقتصادية في إيران، التي تعاني من انكماش الإنتاج وارتفاع التضخم واعتماد معظم القطاعات على أسعار الوقود، أن أي زيادة كبيرة في سعر البنزين – خاصة بالمستويات التي يتحدث عنها نواب البرلمان – قد تؤدي سريعًا إلى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار في السلع الأساسية وقطاع النقل والخدمات العامة. هذا الأمر لن يفاقم الضغوط المعيشية على ملايين الأسر الإيرانية فحسب، بل قد يتحول في ظل الأجواء المتوترة الحالية إلى أزمة سياسية واجتماعية واسعة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام