خط التوتر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" حول السياسة النقدية يكشف حجم أزمة "الاستقلالية".. لكن هل يملك الرئيس حق إقالة أكبر مسؤول بالمركزي الأميركي؟ وكيف تتحقق موازنة القوى بين البيت الأبيض واستقلالية البنك المركزي؟
وما بين تهديدات بالإقالة ومناورات سياسية، صراع "ترامب وباول" يغازل العالم من حين لآخر، إليك القصة الكاملة للصراع الدائم والصلاحيات الممنوحة.
1) ما هو الصراع الدائم بين ترامب وباول؟
منذ عودته إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية، لم يترك الرئيس الأميركي مناسبة دون مهاجمة رئيس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" بسبب إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة ووصفه بـ"المتأخر دائماً"، هذه الحرب التي شنها ترامب ضد باول تثير قلق الجميع حيال تآكل استقلالية أكبر بنك مركزي في العالم.
رئيس الفيدرالي "باول" أكد مراراً أنه لن يستقيل قبل انتهاء ولايته في مايو/ ايار 2026، وأن الإقالة "غير مسموح بها قانونياً، والبنك يتمسك بسياسة "الترقب والانتظار" خوفاً من تداعيات تعريفات ترامب على التضخم.
2) هل يملك الرئيس صلاحية إقالة "باول"؟
بموجب القانون الأميركي، يتمتع رئيس الفيدرالي الأميركي بحصانة شبه كاملة، فالرئيس يملك حق تعيينه لكن لا يملك حق إقالته إلا لأسباب قانونية محددة مثل الإهمال أو الفساد.
أما الاختلاف في السياسة النقدية، فلا يعتبر سبباً مقبولاً لعزل رئيس الفيدرالي، إذ أن رفض الاستجابة لضغوط تحريك الفائدة يُعد في الأساس دليلاً على استقلالية البنك عن البيت الأبيض.
3) ماذا تعني استقلالية الفيدرالي؟
وفقا لموقع الفيدرالي، فإن المركزي الأميركي، شأنه في ذلك شأن العديد البنوك المركزية الأخرى، يُعد وكالة حكومية مستقلة لكنها مسؤولة في نهاية المطاف أمام العامة والكونغرس كما يُدلي رئيسه بشهاداته أمام "الكابيتول" فيما يقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي تقرير السياسة النقدية مرتين سنوياً، والذي يشمل التطورات الاقتصادية الأخيرة وخطط السياسة النقدية.
"التوظيف الكامل والأسعار المستقرة"، هما هدفان اقتصاديان رئيسيان للفيدرالي في إدارته للسياسة النقدية، بموجب ما حدده الكونغرس والذي يضمن بدوره أن تركيز قرارات سياسته النقدية ينصب على تحقيق هذه الأهداف طويلة الأمد ولا يخضع للضغوط السياسية.
4) هل سبق وتدخل رئيس أميركا لإقالة رئيس الفيدرالي؟
لا، المنصب ظل مستقلاً منذ تأسيس البنك عام 1913، ولم يشهد تاريخ أميركا عزل أي رئيس لمجلس الاحتياطي الفيدرالي من منصبه قبل انتهاء فترة ولايته.
ومع ذلك، كانت هناك محاولات في سبعينيات القرن الماضي، حيث حاول الرئيس نيكسون الضغط على رئيس الفيدرالي آنذاك "آرثر بيرنز" لخفض الفائدة قبل الانتخابات لكن المحاولة باءت بالفشل، كذلك في الثمانينات رفض "بول فولكر" التراجع عن سياسات رفع الفائدة رغم اعتراضات إدارة الرئيس "ريغان" فاختار عدم تجديد ولايته.
5) لماذا يحاول ترامب الضغط؟
الرئيس يضغط من جميع الجهات من أجل خفض الفائدة الأميركية عبر هجمات إعلامية على رئيس الفيدرالي نفسه وتعليقات حول التكلفة التي تتكبدها أميركا بسبب الفائدة المرتفعة، وكذلك يستخدم مناورات سياسية، منها فتح تحقيق حول تكلفة تجديد مقر الفيدرالي في واشنطن "مبنى إيكليس" بميزانية تبلغ 2.5 مليار دولار، وهو الأمر الذي يوفر مبررا محتملا لإقالة باول "لسبب مادي".
6) هل صمت "باول" دفاع عن استقلالية الفيدرالي؟
كبير المستشارين الاقتصاديين لدى شركة أليانز "محمد العريان" حذر من خطر بقاء السياسة النقدية مشددة للغاية لفترة طويلة، وقال: هناك مخاوف من أن يكون باول يلعب بالسياسة النقدية حتى لا يقال إن "باول" خفض الفائدة تحت ضغوط ترامب.
7) أخيراً، ما المحطة التالية في صراع لا ينتهي؟
مؤشر "بولي ماركت" لرصد التوقعات حول ما إذا كان ترامب سيقوم بإقالة "باول" خلال العام الجاري، وصل لقمة قياسية أمس الثلاثاء.. فهل تشهد أميركا إقالة رئيس الفيدرالي لأول مرة أم الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي واستقلالية الفيدرالي ستنتصر لصالح بقاء باول في منصبه حتى نهاية فترة ولايته في مايو 2026؟
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام