تراجعت مؤشرات الأسهم قبل بيانات الوظائف الأميركية التي ستكون محورية في تحديد حجم خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في سبتمبر.
وفي جلسة شهدت العديد من التقلبات، أنهى مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) التعاملات منخفضا. انخفضت عوائد سندات الخزانة بشكل طفيف، وواصل المتداولون في توقع إجمالي تيسير نقدي يفوق 100 نقطة أساس هذا العام، وهو ما يعني ضمناً احتمال حدوث تخفيض كبير الحجم. ونظراً لتركيز جيروم باول مؤخراً على سوق العمل، يقول كثيرون في وول ستريت إن بيانات كشوف الأجور الأميركية المرتقبة يوم الجمعة ستحدد ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيخفض الفائدة بمقدار 25 أو 50 نقطة أساس هذا الشهر.
يرى تيف سوسنيك من شركة "إنترأكتف بروكرز" (Interactive Brokers)، أن السيناريو "النموذجي" المتوقع للبيانات أن تكون "ليست بقوية جداً، وليست بضعيفة جداً" هو ما يريده المراهنون على صعود الأسهم.
وأوضح: "إن الخطر في الأخبار السيئة حقاً هو أنه حتى لو كان الاحتياطي الفيدرالي مستعداً للرد بقوة (أي برفع الفائدة 50 نقطة أساس استجابة لضعف سوق العمل)، فقد يكون الوقت قد فات لدرء الضعف الاقتصادي الحقيقي. ولكن هناك قلق من أنه إذا كانت الأخبار جيدة جداً، فقد يصبح الاحتياطي الفيدرالي متحفظاً بشأن خفض أسعار الفائدة بالسرعة التي تتوقعها السوق".
وقبيل صدور هذه الأرقام، كانت البيانات الاقتصادية متباينة. توسعت الخدمات الأميركية بوتيرة متواضعة، وأضافت الشركات أقل عدد من الوظائف منذ بداية 2021، بينما تخلفت طلبات إعاناة البطالة عن التقديرات.
قال كريس لاركين من "إي*تريد" ( E*Trade) التابعة لـ"مورغان ستانلي": "بعد الأرقام المتباينة اليوم، يعود الأمر إلى تقرير الوظائف غداً لإعطاء المستثمرين قراءة أوضح لحالة سوق العمل. لا تزال الأسواق تحاول معرفة ما إذا كان الاقتصاد يتباطأ أكثر من اللازم، وما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي متخلفاً عن السوق".
أغلق مؤشر "إس آند بي 500" عند مستوى 5500 نقطة تقريبًا. وارتفع مؤشر بلومبرغ "العظماء السبعة" للشركات الكبرى بنسبة 1.6%. وانخفض مؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة 0.6%. هبطت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس إلى 3.72%. وانخفضت قيمة الدولار.
ومن بين أبرز الشركات، ارتفع سعر سهم "إنفيديا"، حيث قال محللو "بنك أوف أميركا" إن الانخفاض الأخير خلق فرصة شراء "قوية". صعد سعر سهم "تسلا" بعد إعلانها خطة إطلاق القيادة الذاتية في الصين وأوروبا.
بعد تقرير الوظائف المخيب للآمال الشهر الماضي، فلا عجب أن يشعر المستثمرون "بالقلق" قبل بيانات يوم الجمعة، خاصة وأننا عدنا إلى بيئة حيث "الأخبار الجيدة هي أخبار جيدة والأخبار السيئة هي أخبار سيئة"، وفق بريت كينويل من شركة "إي تورو".
وقال: "بينما تؤيد الاحتمالات حاليا خفضا بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر، فإن تقرير الوظائف المخيب للآمال بشكل مؤسف يمكن أن يحول تلك الاحتمالات لصالح خفض بمقدار 50 نقطة أساس. إذا شعر البنك المركزي بأنه مجبر على المضي قدماً في خفض بمقدار 50 نقطة أساس، فقد يشير ذلك إلى وجود قلق أكبر بشأن سوق الوظائف مما تم الاعتراف به سابقاً".
يقول كينويل إنه من الناحية المثالية، يتوقع أن يأتي تقرير الجمعة "أفضل مما نخشاه"، أي يشير إلى تراجع بسيط في سوق العمل -لكنها ليست ضعيفة- ويسمح لبنك الاحتياطي الفيدرالي بالبدء في خفض الفائدة في سلسلة من التخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس.
أندرو برينر، من "نات أليانس سيكيوريتيز" (NatAlliance Securities) أنه إذا أظهر الاقتصاد قوة في تقرير كشوف الأجور غير الزراعية، فمن المفترض أن يكون أداء الأسهم أفضل في البداية، ولكن إذا هبطت العوائد "بقوة"، فلن يكون ذلك جيداً. على العكس من ذلك، إذا ارتفعت العوائد بسبب بيانات ضعيفة، فلن يكون ذلك جيداً للأسهم أيضاً.
يُتوقع أن يظهر تقرير الوظائف زيادة في كشوف الأجور بنحو 165 ألف وظيفة، بناءً على متوسط التقديرات في استطلاع بلومبرغ للاقتصاديين. وفي حين أنه أعلى من المكاسب المتواضعة البالغة 114 ألف وظيفة في يوليو، فإن متوسط النمو على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة سوف يتراجع إلى ما يزيد قليلاً عن 150 ألفاً، وهو الأقل منذ بداية 2021.
أظهر استطلاع أجرته شركة "22 في ريسرش" (22V Research) أن معظم المستثمرين (44%) يعتقدون أن رد فعل السوق على بيانات يوم الجمعة سيكون "المخاطرة"، بينما توقع 27% "تجنب المخاطرة" ويرى 29% أن رد الفعل سيكون "ضئيل/مختلط".
وأكدت هذه الحصيلة أيضاً تحولاً ملحوظاً، إذ حظي معدل البطالة بالمزيد من الاهتمام هذا الشهر. وفي الوقت نفسه، انخفض التركيز على نمو الأجور بشكل أكبر. ويتوقع 52% من المشاركين أن تتجاوز كشوف الأجور التوقعات البالغة 165,000 طلب.
ستان شيبلي من "إيفركور"، يرى أن حصيلة التوظيف في القطاع الخاص الصادرة عن لمعهد أبحاث "أتوماتيك داتا بروسيسنغ" (ADP) يوم الخميس وغير ذلك من مؤشرات سوق العمل تشير إلى "كشوف الأجور ستكون ضعيفة" في شهر أغسطس.
قال جيفري روتش من "إل بي إل فاينانشال" (LPL Financial): "قد يكون تقرير كشوف الأجور أضعف من المتوقع نظراً للتباطؤ في تقديرات (ADP). إذا فاجأ تقرير الأجور المستثمرين وجاء أضعف من المتوقع، فسترتفع احتمالية خفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه القادم".
في حين أن تقرير "ADP" كان مؤشرا ضعيفا لكشوف الأجور غير الزراعية في السنوات الأخيرة، إلا أن ارتباطه بالتقرير شهد تحسناً هذا العام. وهذا يشكل خطرا على الأسهم في تقرير الوظائف المنتظر يوم الجمعة.
قال دان وانتروبسكي في شركة "جاني مونتغمري سكوت" (Janney Montgomery Scott)، إن هناك العديد من المؤشرات الفنية التي تومض بعلامات تحذيرية. ولهذا السبب يفضل "الوضع الدفاعي"، متوقعاً المزيد من التقلبات المقبلة للأسهم في سبتمبر وأكتوبر.
وأوضح: "يغوص كل من مؤشري (ناسداك 100) و(إس آند بي 500) بشكل أكبر في منطقة ذروة البيع على المدى القصير، مما يعني أنهما بمثابة نوابض ملفوفة في حالة انعكاس معنويات التداول بشكل حاد. قد تكون بيانات التوظيف غدًا بمثابة حافز لمثل هذه الحركة المضادة للاتجاه في رأينا. هل سيكون كافياً إلغاء الدورة التصحيحية التي نمر فيها حالياً؟ على الأغلب لا".