
يستأنف مجلس النواب الأميركي، الأربعاء، جلساته بعد انقطاع دام 54 يوماً، ليواجه قائمة طويلة من القضايا العالقة، سيكون أقلها إشكالية، التصويت على مشروع التمويل المؤقت الذي مرره مجلس الشيخ الاثنين، لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة.
وتتصاعد التوترات في واشنطن منذ أسابيع، بسبب قرار رئيس مجلس النواب مايك جونسون إبقاء المجلس خارج دورة الانعقاد، طوال فترة الإغلاق الحكومي، ما أثار انتقادات شديدة من الديمقراطيين وقلقاً خاصاً من بعض الجيوب في الحزب الجمهوري.
وبعد تمرير مجلس الشيوخ مساء الاثنين، مشروع قانون التمويل المؤقت بعدما انضم 8 ديمقراطيين إلى الجمهوريين في التصويت لصالح المشروع، وأحاله إلى مجلس النواب للموافقة النهائية، طلب جونسون من نوابه العودة فوراً إلى واشنطن.
ومع عودة الأعضاء الآن إلى واشنطن بعد قضاء ما يقرب من شهرين، يواجه جونسون مهمة إعادة فتح عمل اللجان المعطلة، ومعالجة الموعد النهائي الوشيك لإعانات الرعاية الصحية، وحل النزاعات الداخلية المشتعلة منذ فترة طويلة بشأن الإفراج عن ملفات مرتكب الجرائم الجنسية المليونير جيفري إبستين وتداول الأسهم في الكونجرس، وذلك، إذا استطاع إعادة فتح الحكومة أولاً، حسبما ذكرت مجلة "بوليتيكو".
وعندما سُئل جونسون عما إذا كان لديه الأصوات الكافية لتمرير الحزمة التي تفاوض عليها مجلس الشيوخ، أجاب: "أعتقد ذلك".
ويعتمد جونسون بشدة على الرئيس دونالد ترمب لحشد دعم نوابه لحزمة التمويل، إذ أوضح ترمب في مكالمة خاصة مع الجمهوريين في مجلس النواب صباح الاثنين، رغبته في إعادة فتح الحكومة في أسرع وقت ممكن، وأشار لاحقاً إلى دعمه للاتفاق.
"انتصار كبير"
ويبدو أن المتشددين في الحزب الجمهوري، الذين لطالما عارضوا مشاريع قوانين الإنفاق، ينضمون إلى صفه، مجادلين بأن الحزمة تُمثل "انتصاراً كبيراً"، لأنها تستبق مشروع قانون شامل لنهاية العام من شأنه تمويل الحكومة الفيدرالية بأكملها حتى سبتمبر، ولا تمدد إعانات التأمين بموجب قانون الرعاية الصحية الميسرة المنتهية الصلاحية، كما طالب الديمقراطيون.
وحتى كتلة الحرية في مجلس النواب، المعروفة بتصلبها، "رحبت" بالحزمة، إذ يُسهم دعمهم في حل إحدى أكبر مشكلات جونسون، ويضع مشروع القانون على مسار إقراره، مع استعداد ترمب لإقناع أي معارضين آخرين.
وقد يكون التحدي الأكبر هو حثّ الأعضاء على التوجه إلى واشنطن للتصويت النهائي، حيث من المرجح أن يواجهوا اضطرابات كبيرة في السفر هذا الأسبوع، إذ دفعت قيود إدارة الطيران الفيدرالية على الرحلات الجوية شركات الطيران إلى تقليص آلاف الرحلات الداخلية.
وحثّ جونسون أعضاء الحزب الجمهوري على بدء السفر إلى واشنطن في أقرب وقت ممكن، كما تلقى رؤساء الأركان إشعاراً الاثنين، للمشرعين بالعودة إلى واشنطن بحلول مساء الثلاثاء، والاستعداد للتصويت الأربعاء.
قضايا أمام جونسون
وبمجرد وصول المشرعين وإعادة فتح الحكومة، سيواجه جونسون جدلاً طويل الأمد، إذ أن إحدى القضايا التي يعتزم مواجهتها الأربعاء، قبل التصويت الأول في مجلس النواب، هي أداء النائبة الديمقراطية المنتخبة أديليتا جريفالها اليمين الدستورية بعد سبعة أسابيع من فوزها في الانتخابات الخاصة لشغل مقعد والدها الراحل في مجلس النواب عن ولاية أريزونا.
لكن هذا بدوره سيُطلق شرارة صراع سياسي آخر طويل الأمد في الحزب الجمهوري، إذ تقول جريفالها، إنها "ستكون الصوت رقم 218 والحاسم، على عريضة لإجبار وزارة العدل على الكشف عن ملفات إبستين، وهي سجلات تحتفظ بها وزارة العدل، ويعارض ترمب مشاركتها".
وسيُطلق ذلك سلسلة من الخطوات التشريعية التي تتطلب طرح الإجراء على مجلس النواب بحلول أوائل ديسمبر المقبل.
وبذلت القيادة الجمهورية جهوداً حثيثة لتجنب التصويت المتعلق بإبستين، والذي أحدث انقسامات داخل الحزب الجمهوري، لكن جونسون صرّح بأنه "لن يسعى لعرقلة التماس الإفراج".
على صعيد آخر، يضغط العديد من أعضاء كلا الحزبين على جونسون للدفع بمشروع قانون مثير للجدل من شأنه أن يحظر على المشرعين تداول الأسهم الفردية.
كما سيواجه المسؤولون عن تخصيص الأموال مهمة شاقة تتمثل في صياغة مشاريع قوانين الإنفاق السنوية لمعظم أجهزة الحكومة الفيدرالية قبل الموعد النهائي الجديد للإغلاق في 30 يناير.
وسيُجبر المشرعون في اللجان الأخرى على تعويض أسابيع من جلسات الاستماع الفائتة ورسوم المكافآت، حيث حذر قادة الحزب الجمهوري الأعضاء سراً من أن العديد من ليالي العمل المتأخرة ستكون في انتظارهم عند عودتهم.
وتتمحور أصعب معركة داخلية سيواجهها جونسون حول الرعاية الصحية، إذ من المتوقع أن يخرج إلى العلن صراعٌ محتدم حول إعانات قانون الرعاية الصحية المنتهية الصلاحية "أوباما كير"، الذي تمكن رئيس مجلس النواب من إخفائه في الغالب عن أعين الأعضاء خارج واشنطن.
فمن جهة، يُصرّ عشرات الجمهوريين على رفض تمديد الدعم الذي كان سبباً للإغلاق الحكومي، ومن جهة أخرى، يواجه جونسون حفنة من أعضاء الحزب الجمهوري الساخطين، بمن فيهم بعض الذين يُفكّرون سراً في دعم أي التماس لتجاوز جونسون وفرض تصويت على التمديد قبل انتهاء صلاحية الإعفاءات الضريبية لقانون "أوباما كير" في 31 ديسمبر.
وفي المقابل، سيواجه جونسون أكثر من 200 ديمقراطي غاضب يُفكّرون بالفعل في كيفية تحويل خيبة أملهم من الإغلاق الحكومي إلى ميزة سياسية.
غضب ديمقراطي
ومن المرجح ألا يتمكن الديمقراطيون في مجلس النواب من عرقلة التشريع الرامي إلى إعادة فتح الحكومة هذا الأسبوع، ويشعر الكثيرون بالغضب إزاء ما حدث في مجلس الشيوخ.
وخلال اجتماع خاص بعد ظهر، الاثنين، في أول نقاش حزبي لهم منذ التوصل إلى اتفاق مجلس الشيوخ، أعرب الأعضاء عن غضبهم إزاء ثمانية أعضاء ديمقراطيين ومستقلين في مجلس الشيوخ انشقّوا عن صفوفهم لدفع مشروع قانون التمويل.
واتخذ زعيم الأقلية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، خطوات لتهدئة التوترات الداخلية، مقدماً الدعم لنظيره في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، وسط ردود فعل غاضبة.
وقال للصحافيين: "لقد خاض الزعيم شومر والديمقراطيون في مجلس الشيوخ على مدار الأسابيع السبعة الماضية معركة شجاعة نيابة عن الشعب الأميركي، ولن أشرح ما قرره عدد قليل من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ".
ويحاول شومر وديمقراطيون آخرون إعادة تركيز الاهتمام على تمديد دعم الرعاية الصحية، حيث أبلغ جيفريز زملاءه الديمقراطيين في مكالمة خاصة أنه "سيتبع جميع الخيارات لفرض إجراء، بما في ذلك تقديم التماس جديد للتسريح".
ويعتقد الديمقراطيون أن عدداً كافياً من الجمهوريين في مجلس النواب مستعدون لمعارضة جونسون، رغم أن المجلس قد لا يتمكن من التحرك بسرعة كافية لمنع زيادة هائلة في فواتير التأمين الصحي للأميركيين في الأشهر المقبلة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام