بواخر تركيا الكهربائية ترسو في العراق... خطوة فعّالة لدعم الشبكة الوطنية

الاقتصاد نيوز - بغداد

في ظل الأزمة المزمنة التي يعاني منها العراق في مجال الطاقة الكهربائية، تبرز التطورات الأخيرة كمؤشرات على محاولات جادة لمعالجة هذا الملف الحيوي، ولو بشكل مؤقت. يعاني العراق حالياً من فجوة كبيرة بين الإنتاج والاستهلاك، إذ يبلغ الإنتاج الأقصى نحو 28 ألف ميغاواط، فيما تصل الحاجة الفعلية، خاصة في ذروة الصيف، إلى 55 ألف ميغاواط، مما يخلق عجزاً يصل إلى 27 ألف ميغاواط.

ضمن هذا السياق، جاءت خطوة وزارة الكهرباء العراقية بالتعاقد مع شركة "كار باور شيب" التركية لتوفير 590 ميغاواط من خلال بواخر عائمة، كإجراء إسعافي لتقليل حدة الأزمة، خصوصاً في ظل التذبذب المستمر في إمدادات الغاز الإيراني الذي تعتمد عليه معظم المحطات العراقية. وتمثل هذه البواخر نموذجاً لحلول الطوارئ، إذ تعمل على الوقود المحلي وتوفر دعماً فورياً نسبياً للشبكة الوطنية، لكنها لا تمثل حلاً طويل الأمد.

وتكمن أهمية هذه الخطوة ليس فقط في دعم الإنتاج، بل في تقليل الاعتماد على الغاز المستورد، وتقوية الربط الكهربائي الداخلي. ومع ذلك، فإن الخبير كوفند شيرواني أشار بوضوح إلى أن هذه الإضافة لا تغطي سوى أقل من 10% من العجز القائم، مما يُظهر الحاجة الماسّة إلى إصلاح شامل يتجاوز التوليد ليشمل النقل والتوزيع، والحد من الضائعات في الشبكة.

وفي ظل هذه التحديات، تبدو مشاريع التعاون مع شركات عملاقة كـ"سيمنز" و"جنرال إلكتريك" لبناء محطات طاقة كبرى بطاقة تصل إلى 25 ألف ميغاواط، بمثابة الأمل الحقيقي لإحداث تحوّل جذري، وإن كانت تحتاج إلى سنوات حتى تؤتي ثمارها.

وينتج العراق حالياً 27 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية عبر محطات تعمل غالبيتها بالغاز، لكن الطاقة الإنتاجية تنخفض في بعض الأحيان إلى 17 ألف ميغاواط. هذه الكمية في حالتها القصوى، لا تسد حاجة البلاد من الكهرباء، إذ يحتاج العراق إلى زيادة الإنتاج للوصول إلى 40 ألف ميغاواط من أجل ضمان توفير طاقة على مدار اليوم.

وسبق وأن أعلنت شركة "كار باور شيب" التركية المشغلة لمحطات الطاقة العائمة، عن توقيعها عقدا لتزويد العراق بما يصل إلى 590 ميغاواط من الكهرباء لتحقيق استقرار في الشبكة الوطنية للبلاد.

الى ذلك، كشف وزير الكهرباء زياد علي فاضل، عن تفاصيل وصول الباخرة التركية المخصصة لإنتاج الطاقة الكهربائية إلى ميناء أم قصر، من ضمن مجموعة بواخر ستؤمن 600 ميغاواط من الطاقة.

وقال فاضل، إن "أول باخرة تركية لإنتاج الطاقة الكهربائية وصلت اليوم إلى ميناء أم قصر وبطاقة تبلغ 125 ميغاواط"، مبيناً أن "مجلس الوزراء اتخذ قرارات تتعلق بشراء طاقة من خلال بارجات لتعزيز إنتاج المنظومة الكهربائية وتقليل الاعتماد على الوقود المستورد".

وبيّن، أن "هذه البارجات ستسهم في إضافة 600 ميكاواط للشبكة الوطنية وهي تعمل على الوقود المحلي"، مشيراً إلى أن "البارجة الأولى وصلت وخلال سبعة أيام سيكتمل رسوها على الرصيف بعد إيصال الخطوط والوقود لتدخل الخدمة رسمياً خلال المدة نفسها وستسهم في دعم المنظومة الوطنية".

وأشار إلى، أن "الباخرة التوليدية الثانية ستصل إلى الميناء نفسه بعد شهر، وبذات القدرة الإنتاجية، وذلك ضمن عقد حكومي لتجهيز منظومة الطاقة الكهربائية بأكثر من 250 ميكاواط يومياً".

وأكد فاضل، أن الاستعدادات جارية لتوفير وقود زيت الغاز لتشغيل المحطتين حال وصول الشركة المشغلة.

بدورها، أعلنت الشركة العامة لموانئ العراق، عن نجاحها في تأمين رسو أول باخرة تركية مخصصة لإنتاج الطاقة الكهربائية على الرصيف رقم (9) في ميناء أم قصر الجنوبي، وذلك ضمن العقد المبرم بين وزارة الكهرباء العراقية وشركة "كار باور شيب" التركية المشغلة لمحطات الطاقة العائمة، لتغذية المنظومة الوطنية بـ(315) ميغاواط.

وقال مدير عام الشركة فرحان الفرطوسي، إن الشركة العامة لموانئ العراق نجحت في تأمين رسو أول باخرة تركية مخصصة لإنتاج الطاقة الكهربائية على الرصيف رقم (9) في ميناء أم قصر الجنوبي"، مبيناً أن "ذلك استناداً إلى العقد الموقع بين وزارة الكهرباء العراقية وشركة (كار باور شيب) التركية، بهدف رفد المنظومة الوطنية بطاقة مقدارها (315) ميغاواط.

وأكدت الشركة العامة لموانئ العراق أن "هذا الإنجاز يعكس تكامل الأدوار الوطنية بين الموانئ ووزارة الكهرباء والجهات الساندة، في سبيل توفير حلول عاجلة لمعالجة أزمة الطاقة الكهربائية، وبما يعزز الثقة بكفاءة الموانئ العراقية في إدارة العمليات البحرية المعقدة.

من جانبه، كشف رئيس لجنة الطاقة بمجلس محافظة البصرة ثائر الصالحي، موعد دخول الباخرة التركية المخصصة لإنتاج الطاقة الكهربائية، إلى الخدمة الفعلية.

وقال الصالحي، إن وصول الباخرة التركية إلى ميناء أم قصر، رصيف رقم 9، هي الأولى من نوعها وليست الأخيرة، حيث أن هناك بارجة ستصل إلى ذات الرصيف خلال فترة 30 يوما أو أكثر بقليل.

ووفق الصالحي، فإن الباخرة التي وصلت سعتها 125 ميغاواط ولن تكون حصرية لكهرباء البصرة بل ستكون رافد مهم للشبكة الوطنية في عموم البلاد، كون العقد مبرم بين وزارة الكهرباء والشركة التركية.

وبحسبه، ستدخل الباخرة إلى الخدمة خلال 7 ايام، حيث أن هناك حاليا فريق مشترك عراقي – تركي، يعمل على إكمال ربطها في الشبكة الوطنية.

وتابع الصالحي: "لا نملك رقماً محدداً لقيمة العقد المبرم مع الشركة التركية، كون العقد وزاري وليس محلي في البصرة".

وكانت شركة "كار باور شيب" التركية المشغلة لمحطات الطاقة العائمة، قد أعلنت، في وقت سابق، أنها وقعت صفقة لتزويد العراق بما يصل إلى 590 ميجاوات من الكهرباء لتحقيق استقرار في الشبكة الوطنية للبلاد.

وقالت الشركة في بيان إن العقد الأولي، الذي تم توقيعه مع وزارة الكهرباء العراقية والشركة العامة لإنتاج الطاقة الكهربائية، يمتد لـ71 يوما.

وشهدت المناطق الوسطى والجنوبية من العراق، خلال الأيام الماضية، انقطاعات في التيار هذا الشهر بسبب توقف مفاجئ لمحطة توليد أدى إلى عطل في الشبكة، بحسب وكالة "رويترز".

ووصلت إمدادات الغاز الإيرانية منذ 2017 إلى أكثر من 52 مليار متر مكعب، بقيمة زادت عن 15 مليار دولار. ولكن إيران غالباً ما تلجأ إلى تقليص هذه الإمدادات أو قطعها.

الاعتماد على الغاز الإيراني غير المستقر، بالإضافة إلى التعقيدات الجيوسياسية، على غرار العقوبات الأميركية على طهران، سبّبت انقطاعات متكررة للكهرباء في البلاد، تحوّلت عام 2021 إلى احتجاجات دامية.

بدوره، أكد خبير الطاقة كوفند شيرواني، أن العقد الأخير الذي أبرمته وزارة الكهرباء لتجهيز الطاقة من محطتين توليديتين تركيتين عائمتين، بطاقة إجمالية تبلغ 590 ميغاواط، يسهم في التخفيف من الأزمة لكنه لا يمثل حل أزمة الطاقة بشكل جذري.

وقال شيرواني خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز"، إن العراق ينتج حالياً نحو 28 ألف ميغاواط، فيما يصل الطلب في ذروة الصيف إلى 55 ألف ميغاواط، ما يعني وجود عجز يقدر بـ 28 ألف ميغاواط، لافتاً إلى أن السفن التركية لا تغطي حتى 10% من حجم النقص الكبير.

وأشار شيرواني إلى أن إجراءات أخرى مثل استيراد الغاز المسال من قطر ومشاريع الربط الكهربائي مع تركيا والأردن ودول الخليج يمكن أن تضيف ما يقارب 2000 ميغاواط، لكنها مجتمعة لا تعالج أكثر من 10 – 15% من الفجوة.

وأضاف أن المشكلة لا تكمن في التوليد فقط بل تشمل تهالك البنى التحتية في النقل والتوزيع، فضلاً عن الضائعات التي تتراوح بين 10 و15% من الطاقة المنتجة قبل وصولها إلى المستهلك، ما يفاقم من حجم العجز الفعلي.

وبيّن شيرواني أن الحل الجذري يكمن في مشاريع جديدة، حيث وقعت وزارة الكهرباء مذكرات تعاون مع شركتي سيمنز الألمانية وجنرال إلكتريك الأمريكية لإنشاء محطات تصل قدرتها إلى 25 ألف ميغاواط، لكنها تحتاج إلى سنتين أو أكثر لإكمالها، وعندها يمكن أن يحدث تغيير ملموس في معالجة الأزمة.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 127
أضيف 2025/08/23 - 12:52 PM