اتفاق بغداد وأربيل.. فرصة نادرة لإحياء قانون النفط والغاز أم تهدئة سياسية مؤقتة؟

الاقتصاد نيوز - بغداد

بعد أكثر من عامين من التوتر ووقف تصدير نفط إقليم كردستان، توصّلت حكومتا بغداد وأربيل إلى اتفاق مالي نفطي جديد، ينص على تسليم الإقليم حصة من النفط الى بغداد مقابل تأمين رواتب موظفي الإقليم.

ورغم الترحيب بهذا الاتفاق، إلا أن الأوساط السياسية والاقتصادية تساءلت: هل يمهّد هذا الاتفاق الطريق لتشريع قانون النفط والغاز المعلّق منذ 2009؟ وهل تحوّلت الضرورة الاقتصادية والضغوط السياسية إلى فرصة لتسوية الخلافات الدستورية والمالية العميقة؟

الخلاف بين بغداد وأربيل حول الملف النفطي ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة تضارب الصلاحيات والرؤى حول إدارة الثروات الطبيعية في العراق بعد 2003، خصوصًا مع عدم وجود قانون اتحادي ينظم العلاقة بين الحكومة المركزية والأقاليم والمحافظات المنتجة للنفط.

ويعود مشروع قانون النفط والغاز إلى عام 2007، لكنه بقي حبيس الأدراج بسبب الخلافات حول الإشراف على الحقول النفطية، وتقاسم الإيرادات بين المركز والإقليم، بالإضافة الى السيطرة على الثروات في المناطق المتنازع عليها، وكذلك منح العقود طويلة الأمد من قبل الإقليم دون العودة لبغداد

الاتفاق النفطي الجديد الذي أُعلن عنه في يوليو 2025 جاء بعد تصاعد حدة الأزمة المالية في الإقليم، وتراكم رواتب الموظفين لشهرين ونصف، إضافة إلى تعطّل صادرات النفط بسبب قرار المحكمة الدولية لصالح بغداد ضد تركيا.

وينص الاتفاق على تسليم الإقليم 230 ألف برميل نفط يوميًا وصرف 240 مليار دينار عراقي من الحكومة الاتحادية للإقليم، بالإضافة الى تنسيق الإيرادات النفطية وغير النفطية ضمن رؤية وطنية مشتركة

لكن رغم تفاؤل الطرفين، فإن الاتفاق لا يشكّل حلًا نهائيًا للخلافات النفطية، بل يُنظر إليه كـ"تهدئة مؤقتة" إلى حين تشريع قانون شامل.

ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق قد يشكّل فرصة سياسية واقتصادية نادرة لفتح ملف قانون النفط والغاز مرة أخرى تحت قبة البرلمان.

في هذا السياق، بين القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، تأثير الاتفاق النفطي الاخير على قانون النفط والغاز.

وقال محمد لـ"الاقتصاد نيوز"، إن تمرير القانون “يتطلب توافقًا سياسيًا كبيرًا”، مشيرًا إلى أن الخلافات لا تزال عالقة حول الحقول القديمة والمناطق المتنازع عليها والصلاحيات.

كما شدد على أن الاتفاق الحالي "مؤقت لحين تشكيل الحكومة المقبلة"، متوقعًا إعادة طرح مشروع القانون ضمن حزمة التفاهمات السياسية لما بعد الانتخابات.

يذكر أن رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني قد أشرف في 19 من أيار 2025 على توقيع اتفاقيتين في مجال الطاقة بقيمة إجمالية 110 مليارات دولار على مدار مدة سريانهما مع شركتي إتش.كيه.إن إنرجي وويسترن زاجروس الأمريكيتين خلال زيارته لواشنطن الأسبوع الماضي.

من جهته، كشف عضو لجنة النفط والغاز النيابية كاظم الطوكي أن العقود التي يبرمها الإقليم مع الشركات الأجنبية غير شفافة ومكلفة للعراق، وتُرهق الاقتصاد الوطني بسبب ارتفاع كلف الإنتاج، وانخفاض العائد الصافي إلى ما دون 15 دولارًا للبرميل في بعض الحالات.

وأكد الطوكي خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز"، أن هذه العقود، تمتد لأكثر من 50 عامًا، وتُبرم دون موافقة الحكومة الاتحادية، فضلا عن انها تحرم بغداد من الرقابة والمحاسبة.

ويرى الطوكي أن تشريع قانون النفط والغاز هو السبيل الوحيد لضمان إدارة موحدة وعادلة للثروات النفطية، خاصةً بعد أن ثبت الضرر الكبير الناتج عن غياب التنسيق بين المركز والإقليم، سواء في الصادرات أو الإيرادات أو السيادة.

العديد من المؤشرات تدعم فرضية أن الاتفاق الأخير قد يكون المدخل المناسب لإحياء مشروع قانون النفط والغاز، منها، توافق الطرفين على التنسيق في التصدير والإيرادات، وانكشاف الخسائر الاقتصادية جراء توقف التصدير، فضلا عن تصاعد الضغط الشعبي في الإقليم بسبب تأخر الرواتب، بالإضافة الى الحاجة إلى إطار قانوني مستقر لجذب الاستثمار الأجنبي.

لكن بالمقابل، تبقى العقبات قائمة، مثل، التنافس السياسي بين الكتل في البرلمان، والضغوط الإقليمية والدولية المرتبطة بملف النفط الكردي فضلا عن حساسية ملف كركوك والمناطق المتنازع عليها.

رغم هشاشة الاتفاق النفطي الأخير، فإنه قد يمثّل نافذة تاريخية نادرة لفتح ملف قانون النفط والغاز، شريطة توفر الإرادة السياسية والمرونة التشريعية. فالاقتصاد العراقي لا يحتمل المزيد من النزيف المالي، والمواطن الكردي لم يعد قادرًا على تحمل أعباء الصراعات السياسية بحسب مراقبين


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 181
أضيف 2025/07/26 - 10:13 AM