القطاع المصرفي العراقي بين مرونة الدعم ومخاطر استنزاف الاحتياطيات: قراءة في تقرير فيتش وأرقام البنك المركزي

الاقتصاد نيوز - بغداد

 

بسام رعـــد/ باحث اقتصادي
 
في وقتٍ تؤكد فيه وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني على مرونة القطاع المصرفي العراقي أمام تقلبات أسعار النفط (1) ، تكشف أرقام البنك المركزي عن انخفاض في الاحتياطيات الأجنبية خلال الفصل الأول من عام 2025 " المرسومي " (2) .
 
هذان التقريران يقدمان صورةً متعددة الأوجه لواقع الاقتصاد العراقي حيث تبرز مرونة قصيرة المدى بفضل سياسات دعم السيولة، ومخاطر طويلة المدى مرتبطة بالاعتماد على النفط وتقلبات الاسعار وتراجع الاحتياطيات الاجنبية . .
 
أشار تقرير "فيتش" إلى أن القطاع المصرفي العراقي، رغم تصنيفه الائتماني المنخفض (فئة CCC)(3)، لا يتأثر بشكل مباشر بانخفاض أسعار النفط، وذلك بسبب قدرة البنك المركزي على دعم الإنفاق الحكومي عبر سياسات نقدية استباقية. ومن أبرز هذه السياسات ما يُعرف بـالتعقيم النقدي (4) ، والتي من خلالها يتم المحافظة على استقرار سعر الصرف والحدّ من التضخم.  
 
كما كشف أرقام البنك المركزي أن احتياطيات العراق من العملة الأجنبية انخفضت بأكثر من 7 مليارات دولار خلال الفصل الأول من العام 2025، لتصل إلى 127,198 تريليون دينار في آذار 2025 ، مقارنة بشهر كانون الأول 2024 ، حيث بلغت الاحتياطيات حينها 136,877 تريليون دينار . أي إن البنك المركزي ضحى بجزء من احتياطياته لتحقيق استقرار مالي داخلي، وهو ما عزز ادعاء فيتش بمرونة القطاع المصرفي.
 
عموماً لا يمكن فصل تقرير "فيتش" عن انخفاض أسعار النفط من حوالي77.3 إلى 72 دولاراً للبرميل خلال الفصل الأول من العام الحالي ، والذي يُعدّ مصدراً لحوالي 90% من إيرادات العراق.
 
فيما رأت الوكالة أن التأثير المباشر على البنوك محدود، لكن ممكن أن نلتمس التأثير غير المباشر من خلال أرقام البنك المركزي وعبر
 
المقارنة الآتية:
الإيرادات الحكومية: تراجعت مما زاد الضغط على البنك المركزي .  
 
احتياطيات العملة الاجنبية: انخفضت بحوالي 9,679 تريليون دينار مع نهاية الفصل الأول من العام الحالي .
 
وهنا تظهر البيانات أن سياسات الدعم قد تحقق استقرارا مؤقتا، لكنها ترتكز على موارد محدودة (الاحتياطيات الأجنبية) مما ينذر بمخاطر في حال استمرار انخفاض أسعار النفط أو توسع الإنفاق الحكومي غير المدروس.
 
ورغم تطمينات البنك المركزي بأن الاحتياطيات لا تزال جيدة وفق المعايير العالمية (نسبتها إلى عرض النقد أعلى من20 %) (5) ، إلا أنه في دولة تعتمد على النفط مثل العراق، يؤثر انخفاض الإيرادات النفطية سلبا على تدفقات العملة الأجنبية .كما أن استمرار انخفاض أسعار النفط لمدة طويلة قد يضعف القدرة على تعويض الاحتياطيات الأجنبية المستنزفة.
 
الرسالة الأهم التي تقدمها تقارير فيتش وأرقام البنك المركزي هي أن "الاستقرار المؤقت ليس بديلا عن الإصلاح الجذري" فبينما تظهر سياسات الدعم النقدي مرونة قصيرة المدى، فإن استنزاف الاحتياطيات وارتفاع الدين العام ينذران بأزمات مستقبلية إذا لم تسرع الحكومة العراقية في تنويع اقتصادها وتبني إصلاحات جذرية. العراق أمام مفترق طرق إما أن يتجه إلى تنويع مصادر ايرادته ويتجه إلى اقتصاد منتج يعتمد على الصناعة والتكنلوجيا‏ والزراعة، أو يظل رهينة تقلبات النفط وهشاشة التصنيفات الائتمانية.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام


مشاهدات 294
أضيف 2025/05/01 - 12:29 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 27257 الشهر 27257 الكلي 15677404
الوقت الآن
الخميس 2025/5/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير