أنظمة سعر الصرف وسياساته
الدكتور مهند طالب الحمدي

 

من أجل تمويل التجارة الدولية والتبادلات المالية عبر الحدود، تتبادل البنوك والمؤسسات المالية حول العالم ما لا يقل عن 5 ترليون دولار من العملات يومياً في أسواق تبادل العملات الأجنبية. تمثل تلك الكمية حوالي 600 دولار لكل شخصٍ يعيش على سطح كوكب الأرض. سوق تبادل العملات سوقٌ يتم التعامل فيه على مدار ساعات اليوم بلا توقف وعلى مستوى العالم ككل تقريباً.

 

عادةً تتبادل البنوك الودائع الموجودة لديها بدل تبادل كميات كبيرة من العملات بشكلٍ حقيقي. على سبيل المثال، ربما يقوم بنك أمريكي باستبدال ودائع مقومة بالدولار موجودة لديه بودائع موجودة لدى بنكٍ عراقي مقومة بالدينار. في واقع الحال، يتصف سوق العملات الأجنبية بأنه سوقٌ إفتراضي (أو ما يمسيه الاقتصاديون عبر الطاولة)، أي أن أغلب التعاملات فيه تتم مايبن البنوك الكبرى من خلال شبكات الكومبيوتر التي تربطها بدلاً من التبادلات الواقعية. على الرغم من الحجم المهول لهذه التبادلات، لكن أغلبها مركزة في أماكن محدودة وضمن عدد صغير نسبياً من العملات. يتضمن أكثر من نصف تبادلات العملات الأجنبية في العالم مؤسسات مالية في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة. يتم حوالي 85% من التبادلات باستخدام الدولار الأمريكي، و39% من اليورو، و19% من الين الياباني، و13% من الجنيه الاسترليني.

 

سياسات سعر الصرف:

تتبع البلدان المختلفة سياسات صرفٍ مختلفة لعملاتها. تسمح بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة وكندا، لسعر الصرف أن يتحدد من قبل قوى سوق تبادل العملات الأجنبية، كما هو الحال مع أسعار أغلب البضائع والسلع الأخرى. تملك البلدان التي تتبع هذه المقاربة سعر صرفٍ عائم. تُفضلُ بلدانٌ أخرى سعر صرفٍ ثابت، أو ما يسمى أيضاً سعر صرفٍ مربوط، بين عملة البلد وعملة بلدٍ آخر. على سبيل المثال، يتخذ العراق سعر صرفٍ ثابت مقداره 1,450 ديناراً للدولار الواحد. عندما تتخذ البلدان سياسات معينة لسعر الصرف، يقول الاقتصاديون أن هناك تنظيمٌ لسوق الصرف، أو نظام سعر الصرف.

 

تتبع بلدان العالم عادة أحد ثلاثة أنظمة لسعر الصرف:

  1. نظام سعر الصرف الثابت.
  2. نظام سعر الصرف المعوم.
  3. نظام سعر الصرف المعوم المُدار (أو نظام سعر الصرف الوسيط)

 

في نظام سعر الصرف الثابت، يتم تحديد سعر الصرف على مستوياتٍ معينة ويتم الحفاظ عليها من قبل السلطة النقدية في البلاد، أي البنك المركزي. تاريخياً، كان أهم نظامين لسعر الصرف الثابت هما نظام غطاء الذهب ونظام بريتون وودز.

 

تحت نظام غطاء الذهب، الذي استمر من القرن التاسع عشر إلى ثلاثينيات القرن الماضي، تضمنت عملات البلدان كمياتٌ من الذهب وعملاتٌ ورقية التزمت الحكومات إعادة شراءها مقابل الذهب إن رغب حاملوها بذلك. كان نظام غطاء الذهب  نظام سعر صرفٍ ثابت لأن أسعار صرف العملات كانت مُحددة بكمية الذهب التي يملكها كل بلدٍ لتغطية عملته. تحت نظام غطاء الذهب، يعتمد حجم عرض النقود في البلد على كمية الذهب المتوفرة. ومن أجل تحقيق توسع في كمية العملة المستخدمة في الاقتصاد أثناء فترات الحروب أو الركود الاقتصادي، لابد لأي بلدٍ أن يتخلى عن نظام غطاء الذهب.

 

أثناء فترة الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، قررت العديد من البلدان وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، التخلي عن نظام غطاء الذهب من أجل زيادة مرونة أسعار الصرف لعملاتها وتحقيق سيطرة أكبر على عرض النقود. ومع ذلك، لازال بعض صانعي السياسات في بلدانٍ عدة حول العالم يطالبون بالعودة إلى نظام غطاء الذهب كما طالب بذلك المرشح الرئاسي الأمريكي رون بول عام 2012 لأنه يؤمن أن عرض النقود ينبغي أن يعتمد على شيءٍ ما، الذهب مثلاً، كي لا تسيطر الحكومة على عرض النقود تماماً. لكن الحق يقال أن ليس هناك محاولات جادة للعودة إلى نظام غطاء الذهب لعدة أسباب، منها القيود الكبيرة التي يضعها هذا النظام على استخدام السياسة النقدية للتعامل مع حالات الركود الاقتصادي.

 

قرب نهاية الحرب العالمية الثانية، حاجج العديد من الاقتصاديين وصناع السياسات أن العودة إلى نظام سعر الصرف الثابت سيساعد الاقتصاد العالمي للتعافي من آثار خمسة عشر عاماً من الكساد والحرب. كانت نتيجة ذلك هي انعقاد مؤتمر بريتون وودز في ولاية نيوهامبشر عام 1944 الذي وضع أسس نظام صرفٍ جديد تعهدت فيه الولايات المتحدة بشراء أو بيع الذهب بسعرٍ ثابت قدره 35 دولاراً للأونسة الواحدة. تعهدت البنوك المركزية للدول الأخرى التي شاركت في صياغة نظام بريتون وودز ببيع أو شراء عملات بلدانها بسعر صرفٍ ثابت مقابل الدولار الأمريكي. من خلال تثبيت سعر صرف العملات مقابل الدولار، فإن تلك البلدان قامت، عملياً، بتثبيت سعر صرف عملاتها مقابل بعضها بعضاً. على العكس من نظام غطاء الذهب، لم تكن الولايات المتحدة ولا أي بلد آخر مستعدين لإعادة شراء العملات الورقية مقابل الذهب في السوق المحلية، بل كانت الولايات المتحدة مستعدة لشراء الدولارات مقابل الذهب فقط إذا طلبت البنوك المركزية الأجنبية ذلك.  

 

يمكن أن يواجه نظام الصرف الثابت مشاكل حقيقية لأن سعر الصرف غير حر للتكيف بشكلٍ سريع للاستجابة للتغيرات في الطلب على العملات. بحلول أوائل سبعينيات القرن الماضي قادت الصعوبات التي واجهت محاولات الحفاظ على سعر الصرف الثابت إلى انهيار نظام بريتون وودز ومن ثم التخلي عنه.

 

بعد إنهيار نظام بريتون وودز، سمحت أغلب بلدان العالم لعملاتها أن تعوم، أي بمعنى أن أسعار الصرف أصبحت محددة من قبل قوى بيع وشراء العملات في أسواق تبادل العملات الأجنبية. لكن بعض الدول رأت أن نظام سعر الصرف العائم الذي نتج عن تلك العمليات أدى إلى الكثير من عدم الاستقرار في أسعار الصرف. ونتيجة لذلك، تدخلت بعض البنوك المركزية بين الحين والآخر من أجل التأثير على سعر صرف عملات بلدانها من خلال بيع أو شراء العملات في أسواق تبادل العملات الأجنبية.

 

عند تدخل البنك المركزي لأي دولة أحياناً في سوق تبادل العملات للتأثير في سعر الصرف يسمى نظام سعر الصرف ذلك نظام سعر الصرف المعوم المُدار (أو نظام سعر الصرف الوسيط.) تحت هذا النظام، يحدد البائعون والمشترون في سوق تبادل العملات الأجنبية أسعار العملات في أغلب الأحيان، مع تدخل السلطة النقدية في بعض الأحيان. يتساءل العديد من الاقتصاديين عن مدى فعالية ذلك التدخل لتحديد سعر الصرف من قبل السلطة النقدية بالنسبة للعملات التي يتم تبادلها بشكلٍ واسع. على سبيل المثال، يمكن لبنك اليابان أن يحاول التأثير في سعر الصرف بين الين الياباني والدولار الأمريكي من خلال بيع وشراء كميات من الين. لكن هذه العمليات تُعدُّ صغيرة بالمقارنة مع الكميات الكلية التي تباع وتشترى من هاتين العملتين في أسواق تبادل العملات الأجنبية. وعليه فمن غير المرجح أن يتمكن البنك المركزي من التأثير في سعر الصرف من خلال تدخله في السوق بالنسبة للعملات التي يتم تبادلها بشكلٍ واسع لأكثر من فترةٍ وجيزة.

 

خيارات السياسات في ما يتعلق بأنظمة سعر الصرف:

تعكس أنظمة سعر الصرف الحالية ثلاث خيارات في سياسات الدول:

  1. تسمح الولايات المتحدة ودول متقدمة أخرى مثل المملكة المتحدة، وكندا، وسويسرا لعملاتها أن تعوم مقابل عملاتٍ رئيسية أخرى.
  2. تبنت تسعة عشر دولة في أوروبا عملة اليورو كعملةٍ موحدة.
  3. تثبت بعض الدول النامية سعر صرف عملاتها مقابل الدولار أو عملات رئيسية أخرى.

 

منذ إنهيار نظام بريتون وودز، قلما تدخل بنك الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي للولايات المتحدة) في سوق تبادل العملات الأجنبية في محاولة للتأثير على سعر صرف الدولار. ونتيجة لذلك يمكن أن نرى التذبذبات الكبيرة في سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى منذ عام 1973. وبسبب ذلك، تُحاجج البلدان التي تصدر منتجاتها إلى الولايات المتحدة أن سياسة الولايات المتحدة النقدية قد جعلت سعر صرف الدولار منخفضٌ بشكلٍ غير واقعي. لكن من المعروف أن بنك الاحتياط الفدرالي لا يتعمد أن يحقق سعر صرفٍ محدد للدولار.

 

ما أصبح الآن يعرف بالاتحاد الأوروبي ابتدأ ككيان من خلال توقيع ست دول أوروبية معاهدة روما عام 1957، ونمى ليضم الآن سبع وعشرون دولة من ضمنها العديد من دول أوروبا الشرقية الشيوعية سابقاً. في عام 1999، قرر الاتحاد الأوروبي المضي قدماً لاعتماد عملة موحدة، وفي 1 كانون الثاني 2002، تم إطلاق عملة اليورو. بحلول عام 2012، تبنت سبعة عشر دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، من ضمنها كل الاقتصادات الكبرى في أوروبا ماعدى المملكة المتحدة، عملة اليورو. تم تأسيس البنك المركزي الأوروبي عام 1998. على الرغم من أن البنوك المركزية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مازالت تعمل، لكن البنك المركزي الأوروبي هو المسؤول عن السياسة النقدية واصدار العملة الأوروبية. عانى اليورو من مصاعب جمة خصوصاً عام 2012 حيث أصبح مصيره مجهولاً حينما بدأت بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل اليونان واسبانيا وايرلندا  تعاني من أزماتٍ مالية حادة وأصبحت غير قادرة على دفع ديون حكوماتها. لكن وقوف حكومتي فرنسا وألمانيا بحزم خلف اليورو جعلته يتجاوز الأزمة ويعود كعملة دولية أساسية.

 

حاول العديد من البلدان النامية أن تبقي سعر صرف عملاتها ثابتاً أو مربوطاً بالدولار الأمريكي أو عملات رئيسية أخرى. يمكن أن يوفر سعر الصرف الثابت فوائد هامة لبلدٍ يملك صلات تجارية مع البلد الآخر. عندما يكون سعر الصرف ثابتاً، يصبح تخطيط أداء الأعمال أسهل بشكلٍ كبير. على سبيل المثال، لو رفع العراق سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، فقد تضطر الشركات العراقية التي تصدر بضائع للولايات المتحدة أن ترفع أسعار بضائعها المقومة بالدولار والتي تصدرها لذلك البلد مما يؤدي إلى انخفاض مبيعاتها. بينما لو كان الدينار ذو سعر صرفٍ ثابت أمام الدولار، فإن تخطيط هذه الشركات العراقية لأداء أعمالها سيكون أسهل كثيراً.

 

في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، كان هناك سبب آخر لتثبيت سعر الصرف بالنسبة لبعض البلدان. أثناء تلك الفترة، إزدادت الاستثمارات الأجنبية المتدفقة للبلدان النامية، وبالذات بلدان قارة آسيا بشكلٍ كبير. أصبح من الممكن لشركات من بلدان مثل كوريا الجنوبية، وتايلند، وماليزيا، واندنوسيا، ان تقترض دولارات بشكلٍ مباشر من مستثمرين أجانب أو بشكلٍ غير مباشر من بنوك أجنبية. على سبيل المثال قد تقترض شركة تايلندية دولارات من بنك ياباني. لو أرادت الشركة أن تستخدم تلك الأموال لإنشاء معمل جديد في تايلند فلابد لها أن تغير تلك الدولارات إلى ما يعادلها من العملة التايلندية، البات. عندما تبدأ الشركة ببيع انتاج المعمل، ستحصل على وحدات إضافية من البات التي تحتاج أن تستبدلها بالدولار كي تدفع الفوائد المستحقة على القرض.

 

تبرز المشكلة في حالة لو انخفض سعر البات أمام الدولار. لنفترض أن سعر الصرف هو 25 بات للدولار حين أقترضت الشركة المبلغ. كي تدفع الشركة الفوائد الشهرية على القرض، ولنفترض أنها 100 ألف دولار، لابد للشركة من شراء تلك الدولارات بمبلغ 2.5 مليون بات. لو أنخفض سعر صرف البات إلى 40 باتاً للدولار، فإن الشركة ستحتاج 4 مليون بات لدفع الفوائد الشهرية على القرض. قد يكون ارتفاع هذه الدفعات عبئاً قاتلاً على الشركة التايلندية. وعليه، كان للحكومة التايلندية حوافز قوية لتجنب هذه المشاكل من خلال إبقاء سعر صرف البات ثابتاً أمام الدولار.

 

في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي خشيت بعض الدول من التبعات التضخمية لنظام سعر الصرف المعوم. عندما ينخفض سعر العملة المحلية، ترتفع أسعار المستوردات. إذا كانت الورادات تشكلُ جزءاً كبيراً من البضائع والسلع التي يشتريها المستهلكون المحليون، فإن إنخفاضاً في سعر العملة المحلية قد يسبب حدوث تضخم كبير. في التسعينيات كان أحد المكونات الأساسية في سياسة البرازيل والأرجنتين لمكافحة التضخم هو اتخاذ سعر صرف ثابت لعملاتها مقابل الدولار. لكن هناك صعوبات جمة لاتباع نظام سعر صرف ثابت لأن على البنك المركزي أن يكون جاهزاً باستمرار لبيع وشراء العملة المحلية مقابل الدولار أو عملات صعبة أخرى بسعرٍ ثابت مما ينهك احتياطات العملة الصعبة الموجودة لديه.

 

لنفترض أن البنك المركزي قد قرر ربط الدينار العراقي بالدولار كما تقوم بذلك أغلب دول الخليج. لو كان هناك تجار عملة يريدون بيع كميات من الدينار للحصول على دولاراتٍ أكثر من كميات الدينار التي يريد أن يشتريها تجار العملة الآخرون مقابل الدولار، فسيكون لزاماً على البنك المركزي العراقي أن يشتري فائض الدنانير مقابل دولارات من احتياطيه النقدي. في الحالة المعاكسة، لابد للبنك المركزي العراقي من شراء فائض الدولار مقابل دنانير عراقية. في الممارسة الحقيقية، غالباً ما تجد البنوك المركزية صعوبات حقيقية للابقاء على سعر الصرف المربوط لفترات طويلة لأنها، في نهاية المطاف، ستواجه انخفاضاً في احتياطياتها من العملات الصعبة. أحد السلبيات الأخرى لسعر الصرف الثابت أنه يلغي أحد الوسائل الهامة التي يمكن أن تستخدمها الدول للتعافي من حالات الركود. أثناء فترة الركود، يمكن لسعر الصرف أن ينخفض   لو كان البد يتبنى سعر صرفٍ مرن، مما يزيد من صادرات البلاد ويقلل من وارداتها. في فترة العقدين الماضيين، كان هناك عدد من البلدان حول العالم ومن ضمنها العديد من دول آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية ممن تبنت نظام سعر الصرف الثابت، لكنها وجدت إنه غير قابل للاستدامة مما أدى بها إلى التخلي عنه في نهاية المطاف.

 

الجدول أدناه يبين أفضليات ومساوئ أنظمة الصرف المختلفة.

 

نظام سعر الصرف

الأفضليات

المساوئ

 سعر الصرف الثابت

يسهل على الأعمال التخطيط للاقتراض بعملاتٍ أخرى

من السهل على البنك المركزي السيطرة على التضخم

من الصعب جداً الحفاظ عليه

يلغي احتمالية انخفاض سعر صرف العملة المحلية في فترات الركود

سعر الصرف المعوم

لاحاجة للسلطة النقدية أن تتدخل

يسمح لسعر الصرف أن يعكس تفاعل قوى العرض والطلب في السوق

يمكن أن يجعل تخطيط الأعمال صعباً

يمكن أن يجعل التضخم يتفاقم إذا ارتفعت أسعار الواردات بشكلٍ سريع

سعر الصرف العائم المدور (سعر الصرف الوسيط)

يسمح باستقرار أكبر في سعر الصرف من سعر الصرف العائم

من المرجح أن يكون تدخل البنك المركزي غير مؤثر بالتعامل مع العملات الأجنبية واسعة التداول

 

 

           * أستاذ الأقتصاد والعلوم السياسية، جامعة ولاية كنساس، الولايات المتحدة الأمريكية.


مشاهدات 1609
أضيف 2021/01/12 - 10:44 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 17285 الشهر 65535 الكلي 7642541
الوقت الآن
الخميس 2024/3/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير