أعلنت هيئة الإحصاء التركية أن العراقيين تقدموا للمرتبة الرابعة بين أكثر الجنسيات شراءً للعقارات التركية خلال شهر تموز الماضي، بعدما كانوا في المرتبة السادسة في شهر أيار الذي سبقه.
وقالت الهيئة، في آخر تقرير لها، إن مبيعات المنازل للأجانب انخفضت بنسبة 16.1% في شهر تموز الماضي مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي 2023. وأوضحت أن "مبيعات المنازل بلغت 2350 منزلاً، حصة المبيعات للأجانب بلغت 1.8% من إجمالي مبيعات المنازل في شهر تموز الماضي". وكانت المحافظات التي سجلت العدد الأعلى من مبيعات المنازل للأجانب هي أنطاليا بواقع 878 منزلاً، وإسطنبول بواقع 752 منزلاً، ومرسين بـ218 منزلاً.
وأشارت الهيئة إلى أن "المواطنين من دولة روسيا الاتحادية تصدروا باقي الدول الأكثر شراء للعقارات في تركيا بعدد 485 منزلاً، وجاء الإيرانيون في المرتبة الثانية، حيث اشتروا 151 منزلاً، ثم كازاخستان ثالثاً بـ122 منزلاً، ومن ثم العراق في المرتبة الرابعة 118 منزلاً، وأذربيجان بالمرتبة الخامسة 88 منزلاً، ثم السعودية بالمرتبة السادسة 69 منزلاً، وجاءت الصين بالمرتبة السابعة 67 منزلاً، وأميركا ثامناً بـ56 منزلاً".
ولطالما تصدر العراقيون دول العالم في قائمة شراء المنازل في الولايات التركية منذ العام 2015، إلا أن ترتيبهم ضمن القائمة تراجع للمركز الثاني بعد إيران مع بداية العام 2021، قبل أن يتراجع للمركز الثالث منذ شهر نيسان 2022 بعد هيمنة روسيا على العقارات التركية.
العراقيون في تركيا
نتيجة للتدهور الأمني الذي شهده العراق منذ أكثر من عقدين، سجل خلال السنوات الأخيرة شراء العراقيين في قطاع العقار التركي أرقاماً عالية بين من المستثمرين الأجانب، لرغبتهم في الاستفادة من قانون التملك العقاري الخاص بالأجانب والمؤدي للحصول على الجنسية التركية.
وعن أسباب لجوء العراقيين لشراء العقارات في تركيا، قال المسوّق العقاري علي عبد الكريم إن العراقيين يحق لهم التملك في جميع أصناف العقارات التركية، وفقاً لقانون التملك العقاري التركي، مضيفاً أن "القانون التركي لم يستثنِ عن العراقيين أي نوع من أنواع العقارات، سواء كانت تلك العقارات شققاً أوفللاً سكنية، أو عقارات تجارية استثمارية، أو حتى أراض غير مبنية".
وبين عبد الكريم، أن "العراقيين الراغبين في التملك تتم معاملتهم بنفس طريقة تملك المواطنين الأتراك، فضلاً عن بعض الامتيازات التي شملت قانون الضرائب العقارية الخاصة بالمستثمرين الأجانب مع باقات تخفيضات متوالية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً كبيراً في شراء هذه العقارات من قبل العراقيين".
وأشار عبد الكريم إلى أن "أبرز أسباب تراجع العراقيين في شراء العقارات التركية هو صعوبة حصولهم على الإقامة التي أصبحت تمنح فقط لصاحب العقار المسجل باسمه من دون إشراك أفراد أسرته، وهذا هو السبب الرئيس لهذا الانخفاض، فهناك الكثير من طلبات الإقامة العقارية رُفضت من السلطات التركية، فضلاً عن ارتفاع أسعار تكاليف الحياة فيها".
وأكد المتحدث ذاته أن "ارتفاع أسعار العقارات في بغداد وباقي محافظات العراق دفع الكثير من العائلات إلى بيع عقاراتها الكبيرة وشراء عقار أصغر، وعقار آخر في تركيا التي كانت تعتبر رخيصة نسبياً في السنوات التي سبقت العام 2020، ووقوع أزمة كورونا التي أحدثت أزمات كبيرة في سوق العقارات في جميع بلدان المنطقة".
أسباب التراجع الحقيقية
تعددت أسباب تراجع شراء العراقيين للعقارات في تركيا أخيراً، منها ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية التركية وارتفاع تكاليف المعيشة، أو ما يتعلق بعمليات التحويل المالي ومراقبة الخزانة الأميركية للحوالات المالية من العراق إلى تركيا.
وقال الباحث الاقتصادي، علي العامري إن عدم استقرار الوضع الاقتصادي في تركيا، خصوصاً بعد الهبوط الكبير في الليرة مقابل الدولار، أسفر عن ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وتكاليف الحياة العامة فيها، خصوصاً أن غالبية العراقيين اختاروا تركيا للعيش سابقاً بسبب الأسعار المناسبة لتكاليف العيش.
وأضاف العامري، أن "أسعار المواد الغذائية فيها تجاوزت الأسعار في السوق العراقية ومعظم أسواق دول الجوار، نتيجة لانهيار العملة المحلية التركية الذي انعكس على أسعار المواد لديها، ما أدى إلى ارتفاع أسعار البضائع التي تصدرها أيضاً، نظراً لارتفاع تكاليف إنتاجها". وأكد أن "التشديد على الحوالات المالية من العراق إلى تركيا قلل من عمليات شراء العقارات فيها، خاصة أن هناك عقارات تم شراؤها في تركيا من متنفّذين لأغراض عمليات غسل الأموال".
وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن "غالبية العراقيين المقيمين في تركيا يعتمدون على ما يأتيهم من أموال عن طريق الحوالات العامة من خلال شركات التحويل المالي، لتسيير متطلبات حياتهم اليومية، لكن مع منع عمليات التحويل المالي وتشديد الرقابة على مكاتب وشركات التحويل العادية أصبحت الظروف الحياتية في تركيا صعبة للغاية، مما دفع الكثير من العائلات إلى مغادرة تركيا والعودة إلى العراق أو الذهاب إلى بلدان أخرى".
وأفاد العامري بأن "البيئة الاقتصادية والسياسية العراقية الهشة في السنوات الماضية كانت سبباً جعل العراقيين يغادرون البلد باحثين عن مناطق آمنة ومناسبة، لكن الفترة الحالية أصبحت أكثر هدوءاً من السنوات الماضية، لتكون عاملاً مشجعاً لبقاء العراقيين في بلدهم".
المصدر: العربي الجديد