ماذا بعد تحديد السقف السعري للنفط الروسي؟ ---------------------------------- نبيل المرسومي وافق الاتحاد الأوروبي على مقترح مجموعة الدول السبعة على تحديد سعر 60 دولاراً للبرميل كسقف أعلى للنفط الروسي، بهدف خفض عائدات النفط الروسية بشكل كبير في محاولة لاستنزاف مصدر تمويل روسيا لحربها ضد أوكرانيا ومن دون رفع أسعار النفط الخام في جميع أنحاء العالم، ولضمان تواجد النفط الروسي في الأسواق، ومنع ارتفاع أسعار النفط العالمية بعد دخول حظر الاتحاد الأوروبي على الخام الروسي حيز التنفيذ في 5 من ديسمبركانون الأول 2022.  وهذا يعني أن مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي تحاولان استخدام قوتهما الاقتصادية لخفض أسعار النفط الروسي تحت مستويات الأسواق الحرة، وذلك عن طريق استغلال قواها الاحتكارية الشرائية في بناء كارتيل مشترين يضغط على أسعار النفط الروسي، ويجبرها على التراجع إلى مستويات تقل عن باقي أسعار النفط الأخرى. ومن غير المستبعد أيضاً أنه يستهدف إضافة إلى ذلك، الضغط لاحقاً على أسعار النفط والطاقة عموما. وسيُطبَّق ذلك السقف على أساس سعر الخام أو المنتجات في ميناء التحميل فوب، بدلاً من سيف الذي يشمل سعر الخام والتأمين عليها وأجرة السفينة وسيسمح سقف سعر النفط الروسي للدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمواصلة استيراد الخام الروسي المنقول بحراً، لكنه سيمنع شركات الشحن والتأمين وإعادة التأمين من التعامل مع الشحنات الروسية في جميع أنحاء العالم ما لم تُباع بأقل من السقف السعري. ونظراً لوجود شركات الشحن والتأمين الرئيسة في العالم بدول مجموعة الـ7، فسيحد السقف السعري موسكو من بيع نفطها بسعر أعلى. وتصدر روسيا نحو 7.7 مليون برميل من النفط يومياً، يرسل 70 منه عبر البحار، بينما يصدر الباقي عبر الأنابيب إلى أوروبا والصين بشكل شبه متساو. وبلغت صادرات النفط الخام الروسي إلى دول الاتحاد الأوروبي مستوى 1.5 مليون برميل يومياً في تشرين الأول، ما يمثّل انخفاضاً بمقدار مليون برميل يومياً مقارنة بمستويات ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا. بينما بلغت صادرات المشتقات النفطية الروسية لدول الاتحاد الأوروبي مليون برميل يومياً في شرين الأول، انخفاضاً من 1.4 و1.6 مليون برميل يومياً في شهري كانون الثاني وشباط على الترتيب وستواجه شحنات النفط الروسي بالناقلات ـ بعد نهاية العام الحالي ـ مصاعب في الإبحار والشحن والحصول على الخدمات البحرية والرسو بالموانئ والممرات المائية، التي تطلب تأميناً بجودة جيدة يصعب الحصول عليه من خارج الدول الغربية. ويشترط ملاك الناقلات وكثير من الموانئ والممرات المائية، مثل قناة السويس، تأميناً ذا موثوقية معينة. وتفيد بعض المصادر بأن الشركات الأوروبية والبريطانية توفر نسباً مرتفعة تصل إلى 90 من عمليات التأمين وإعادة تأمين وتمويل صادرات النفط الروسية في الأحوال الاعتيادية. في المقابل، صرحت روسيا أن شركة التأمين العامة الروسية ستوفر إعادة التأمين اللازم لشحنات النفط، لكن كثيراً من الموانئ والممرات المائية قد لا يقبل مثل هذا التأمين أو إعادة التأمين الممنوح من شركات روسية أو أخرى، كالهندية أو الصينية. وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن أي محاولة غربية للحد من أسعار النفط الروسي سيكون لها عواقب وخيمة على الأسواق العالمية. إذ أن وقف تقديم التأمين والتمويل والخدمات الأخرى للنفط الروسي سيضع عراقيل واضحة أمام تصديره، ولن يعرف مدى تأثير هذا المنع إلا بعد دخوله حيز التنفيذ. وستحاول روسيا وبشتى الطرق الالتفاف على القرار وإفشاله ومن ضمنها تقديم مزيد من الضمانات لنقل النفط. كما ستسعى إلى عقد اتفاقات أو تفاهمات رسمية مع الدول المستوردة لمنح ضمانات لناقلي النفط الروسي وتقديم خصومات أسعار لتشجيع استيراده. نظريا، تتوافر فرصة لنجاح جزئي لهذا الإجراء، لكن من المرجح أن ترفض روسيا التقيد بالسعر الذي حددته الدول الغربية، ما يعني خفض إمدادات النفط الروسي للأسواق. وهذا الخفض سيقود إلى الضغط صعوديا على الأسعار وتعويض روسيا عن فاقد الإيرادات الناجم عن تراجع حجم صادراتها. ومن المرجح أيضا أن تنشأ أسواق ثانوية للنفط الروسي، ما يعني الالتفاف حول حدود الأسعار وخفض جدواها. كما ستبرز محاولات تلاعب في بيانات الشحن والأسعار ومصادر النفط، وتبييض جزء من صادرات النفط الروسي. ومن المتوقع أن تعتمد موسكو على ناقلات مستعدة للعمل دون تأمين من الدول الغربية، رغم أن التجار حذروا من أن صادرات النفط الروسي ستنخفض إذا لم تتمكن من الوصول إلى عدد كاف من السفن. فيما تأمل موسكو ألا يوافق المشترون الرئيسيون الآخرون – مثل الهند والصين – على تحديد سقف السعر للخام الروسي، وبالتالي سيستمرون في شراء النفط الروسي. إن الصين والهند تلعبان دوراً حاسماً في شرائهما الجزء الأكبر من النفط الروسي. اذ تستورد الصين 1.8 مليون برميل يومياً والهند مليون يومياً في شهر تشرين الثاني الماضي ومع ذلك، لن يلتزما بالسقف، لأسباب سياسية، لأن هذه السياسة ترعاها الولايات المتحدة أيضا هنالك أسباب تجارية، لأنهم يحصلون بالفعل على الكثير من النفط الرخيص من روسيا. إن تكلفة شحن خام الأورال من الموانئ الروسية إلى الصين والهند، وهما المستهلكان الرئيسيان لهذا النوع من الخام في آسيا، ارتفعت إلى مثليها في كانون الأول الحالي الى نحو 20 دولارا للبرميل بالنسبة للهند و25 دولارا للبرميل بالنسبة للصين، ونتيجة لذلك فإن إيرادات البائعين ربما تنخفض بواقع 40 إلى 45 دولاراً للبرميل على أساس تسليم ظهر السفينة فوب من موانئ بريمورسك واوست لوجا ونوفوروسيسك، وهو أقل كثيرا من السقف السعري البالغ 60 دولارا للبرميل. فيما بلغ متوسط تقييم خام الأورال بسعر فوب لمدة 3 أشهر منذ أيلول 68.74 دولارًا أميركيًا للبرميل.   ---------------------------------- مقالات المحرر : مشاهدات : 832 أضيف : 2022/12/03 - 5:30 PM تحديث : 2024/03/27 - 6:23 PM https://www.economy-news.net/content.php?id=31161 ---------------------------------- وكالة الإقتصاد نيوز Economy-News.Net