مستقبل الإقتصاد العراقي بين المد والجزر في الأسواق العالمية ---------------------------------- الاقتصاد نيوز ـ خاص شهد العراق في نهاية 2019 تصاعدا ًحاداً في التظاهرات التي انتشرت في محافظات عراقية مختلفة في ظل سوء الأحوال الإقتصادية وغياب فرص العمل وسوء التخطيط. وتأتي هذه الأوضاع نتيجةً لتراكم السياسات الخاطئة الإقتصادية التي اتخذها العراق واعتماده الكبير على الأسلوب الريعي، لاسيّما في اعتماده على النفط في إدارة إقتصاده ممّا وّلد تأرجحا في البنية الإقتصادية العراقية في اكثر من مرة، كون متغيرات سعر النفط الخام تعتمد على العرض والطلب والعوامل الجيوسياسية. إضافةً لذلك، فإن عقود جولات التراخيص السابقة حددت أجوراً تعاقدية ثابتة للشركات العالمية المقاولة، ولم تأخذ بنظر الاعتبار أن تلك الأجور واجبة الدفع حتى عند التدني الشديد في أسعار النفط الخام وقد انعكس ذلك سلبياً وبشدة على إجمالي الاقتصاد العراقي. وفي مطلع العام 2020، وعقب فشل اجتماع منظمة أوبك ومعها دول من خارج أوبك في الاتفاق على تقليص الإنتاج للسيطرة على الأسعار بسبب عدم موافقة روسيا الاتحادية على التخفيض، في ضوء ذلك قامت المملكة العربية السعودية بطرح زيادة في كميات النفط المصدّر، وردّت روسيا الإتحادية بالمقابل بتخفيض أسعار النفط ممّا أدى إلى انخفاض حاد في أسعار النفط وإلى تأثر الدول التي تعتمد على النفط بصورة أساسية في اقتصادها، لاسيّما العراق، كونه حدّد الميزانية العامة للدولة استنادا إلى سعر مثبت للنفط أعلى من الأسعار التي سادت بعد الانخفاض وكونه عضوا ً في منظمة أوبك المصدرة للنفط. ولم يتوقف هذا التدهور عند هذا الحد، بل كان لجائحة فايروس كورونا الأثر البالغ في إنخفاض ٍآخر نتيجةً لنقص في الطلب على النفط في السوق وزيادة هائلة في العرض، مما عّرض العراق إلى إنتكاسة أخرى، وليصبح بين المطرقة والسندان. ففي الولايات المتحدة مثلاً ونتيجة ً للأسباب السابقة، ولتوقف نسبة كبيرة من قطاعات الصناعة والنقل والكثير من القطاعات التي تعتمد على النفط ومشتقاته بسبب الظروف الناجمة من جائحة كورونا، إنهارت أسعار العقود الآجلة الامريكية إلى دون الصفر في مشهد لم يمر على سوق العقود الآجلة الامريكية منذ مدة طويلة جداً. وفي معرض حديثه عن واقع العراق ومستقبله الإقتصادي في ظل المتغيرات السريعة والحاصلة في أسواق النفط العالمية، وفي ظل انتشار جائحة كورونا التي أجبرت القطاعات المعتمدة على النفط بالتوقف، قال مستشار رئيس الوزراء السابق، الدكتور مظهر صالح في حديث لـالاقتصاد نيوز إن العالم يشهد اليوم تأرجحا ًخطيرا ً في أسعار النفط العالمية وإنخفاضا ًملحوظا ًفي أسعاره، حيث تسبّب هذا الإنخفاض الهائل في خسائر فادحة للإقتصاد العراقي، وفتح الباب مُشرعاً لضرورة إيجاد بدائل ناجعة تساهم في ديمومة الإقتصاد العراقي تقف إلى جانب النفط، مع حتمية تنويع مصادر الدخل في إقتصاد العراق. وأضاف أن العراق يعتمد على النفط الخام الذي يشكل المورد الرئيسي لموازنة الدولة. أما الصعود في استثمار الغاز العراقي محلياً وبناء الصناعات المختلفة عليه يمكن أن يساهم في حل مشكلة البطالة وخلق فرص عمل يمكن أن تستقطب أعدادا ًلا يستهان بها من الفئة الشبابية، إضافة إلى ما يمكن تصديره من هذا الغاز ومنتجات الصناعة المنبثقة عنه. وعلى صعيد ٍ متصل، أوضح خبير الطاقة والمستشار السابق في وكالة الطاقة الدولية، مصطفى عبد الحسين لـالاقتصاد نيوز، أن وبالرغم من إن العراق من الدول النفطية الهامة في الأسواق العالمية، أن قليل منا لا يعرف إن احتاطي العراق من الغاز يتجاوز 3.5 تريليون متر مكعب  تريليون متر مكعب، حيث يشكل الغاز المصاحب للإنتاج النفطي نسبة 70 بالمائة منه، ويمثل الباقي مخزونات الغاز الحر وغاز القبة. وهذا المخزون الغازي يمكن استثماره بشكل ٍعاجل والاعتماد عليه، لاسيّما أنه ينتشر في محافظات عراقية عديدة. ويمكن التعجيل بعمليات تطوير الحقول الغازية مع الاستمرار في استكشاف المناطق غير المنتجة، كل ذلك إضافةً إلى التعجيل في المشاريع التي تهدف إلى التخلص من حرق الغاز. ويشهد العراق اليوم حراكا ًواسعا ًنحو تفعيل الدور الإستثماري في المحافظات العراقية عامةً وتلك الغنية بالنفط والغاز على الخصوص رغم الصعوبات والقيود المفروضة على المستثمرين. وصرّح الأستاذ عارف محمد رفيق عارف، المدير الإقليمي في شركة نفط الهلال، في معرض حديثه عن الإستثمار قائلا ً، إن الغاز في العراق من المصادر الطبيعية المهمة التي من الضروري استثمارها بشكل عاجل ومن اللازم فتح آفاقٍ جديدة لذلك الهدف مع تعزيز الرؤية الإستثمارية في هذا القطاع. فالبيئة الاستثمارية لا تزال ضعيفة جداً من النواحي القانونية والإجرائية والمستثمر يعاني من قيود هائلة وعراقيل كثيرة تساهم في عرقلة جهوده داخل العراق وفي هذا القطاع بالذات. وهنا يجب أن أنوه إلى أن تحسين البيئة الاستثمارية يؤدي إلى النهوض بالصناعات المرتبطة بالغاز مما يمكن أن يوّفر فرصاً إقتصادية للعراق لتنويع مصادر الدخل كما يساهم في امتصاص مشكلة البطالة من خلال توفير فرص عمل ٍ للقوة البشرية العراقية في تلك الصناعات. وفي إطار الجهود المحلية التي تبذلها الكفاءات العراقية في تعزيز أطر الصناعة ودعمها، أوضح أحمد علي شنشول، الأستاذ في جامعة البصرة قائلاً، إن للصناعة المرتبطة بالطاقة وبالغاز بصورة أساسية دور مهم في تعزيز مستقبل العراق الإقتصادي وفتح أبواب جديدة في تنويع مصادر الدخل، سواءً كانت صناعة البتروكيمياويات والبلاستك أو الصناعات المعدنية والإنشائية خاصةً إذا ما عرفنا أن في أرض العراق الكثير من المواد الأولية، والمعادن، كالرمل الزجاجي، وأطيان السيراميك والحديد والفوسفات والكبريت وخامات  الألومنيوم، وهذه ثروات اقتصادية هائلة لا بد من استثمارها كي تكون جزءا ًمن التركيب الكلي للدخل العراقي، مما يساهم في تقليل اعتماد العراق على النفط وتعزيز دور القطاع الصناعي في العراق. يذكر ُأن العراق يمتلك ٩ من الاحتياطي العالمي من الفوسفات، ويحتل العراق المركز الثاني عالميا ًبعد المغرب. كما يمتلك العراق مخزونا ًمن الكبريت المنجمي يصل الى ٦٠٠ مليون طن في منطقة المشراق جنوب الموصل، يضاف لها 40 مليون طن في منطقة الفتحة في منطقة بيجي. ومن الجدير بالإشارة إلى أن العراق يملك مخزوناً مؤكداً من الغاز يقدر  بما يقارب 120 تريليون قدم مكعب، ليضعهُ في المركز الخامس عربياً والحادي عشر عالمياً، أي بحدود 1.9 من المخزون العالمي، لكن الرقم الممكن توقعه أكبر من ذلك وقد يصل الى 280 تريليون قدم مكعب مما يؤهلهُ لإحتلال المركز الخامس عالمياً مع تصاعد الإنتاج النفطي، إذ يأتي حوالي 70 من الغاز الطبيعي مصاحبا ً للنفط خصوصاً في الحقول الجنوبية الغنية بالنفط، بينما يتركز الغاز غير المصاحب الحر معظمه في غرب وشمال العراق. كما يساهم العراق في تصدير مادة النفط الخام إلى كل من تركيا والهند والصين.   ---------------------------------- تقارير المحرر : مشاهدات : 1536 أضيف : 2020/05/20 - 5:20 PM تحديث : 2024/03/28 - 2:21 PM https://www.economy-news.net/content.php?id=20358 ---------------------------------- وكالة الإقتصاد نيوز Economy-News.Net